فويرباخ و رأيه في الدين:
عاش فويرباخ بين العامين 1804 و 1872 و درس في البداية ديانة مسيحية أنجليكانية و بعد نهاية الدراسة تحول إلى أستاذه هيغل و درس الفلسفة. لم يتبع فويرباخ فلسفة أستاذه هيغل إنما بدأ بالعمل على تطوير فلسفة خاصة به.
تغير فويرباخ خلال حياته من إنسان مؤمن تقي إلى ناقد فلسفي و سياسي للديانات و هذا ما دعا ماركس لوصفه بأنه "أكبر أنبياء الإشتراكية".
حقيقة الأديان:
السبب الأساسي في تطور الأديان البشرية هو مقدرتهم على التفكير و إمتلاك الوعي و هذا هو الفرق الأساسي بين الإنسان و الحيوان فالإنسان يعي وجوده و لا يقوم الحيوان بذلك و لذلك يعيش المرء في ثنائية أنا – أنت. أما هذه ال "أنت" فهي ال "أنا" التي إنفصلت عن الذات لتلعب دورا جديدا في الجماعة البشرية.
و ينبع أصل تطور الأديان في الماهية البشرية من لانهائية الوعي البشري. لذلك فإن الدين هو سلوك أو تصرف الإنسان مع ماهيته اللانهائية.
الشيء الأساسي في الديانة المسيحية هو أمنيات البشر و بالتالي فإن أساسيات الديانة المسيحية هي هذه الأمنيات البشرية في شكلها النهائي عندما تتحقق. فعلى سبيل المثال يتمنى البشر حياة من دون كوارث و مصائب، فهذا هو الإله الذي وجدوه و كذلك فإن أمنياتهم بحياة سعيدة نظيفة من جميع الكوارث جعلهم يعتقدون بأن هذه الحياة ستكون موجودة في العالم الآخر. و هناك نقطة أساسية مهمة في الديانة المسيحية و هي قيامة المسيح من الأموات، هذه القيامة التي تعني الرغبة البشرية في الخلود و عدم الموت.
يرى المتدين إلهه كروح مطلقة و بناء على ذلك يعتقد فويرباخ أن الله ،كروح مطلقة، هو الإنعكاس المثالي للعقل البشري. أما تعريف الإله بأنه قوة الخير المطلقة فما هو إلا إنعكاس للأخلاق البشرية و للحب.
كتب فويرباخ: إله البشر الوحيد هو الإنسان.
أما من الناحية النفسية فيعتقد فويرباخ أن المتدين الذي يخاطب إلهه أثناء الصلاة أنما يخاطب نفسه أو نفسه الأخرى أي يخاطب الصورة أو الماهية التي يتمناها لنفسه.
كتب فويرباخ: "الإنسان هو ما يأكل"
يخطيء الكثيرون عندما يعتقدون أن فويرباخ يتحدث هنا بشكل مادي عن نوعية الطعام و أشكاله، فهذه المقولة موجهة بالأصل ضد أستاذه هيغل. أراد فويرباخ في هذه الجملة أن يهدم فهم هيغل المثالي للإنسان و حديثه عن الروح. يريد فويرباخ في هذه الجملة أن يقول أن الإنسان هو جزء من الأرض و بذلك فإن الإنسان هو إنتاج مادي جاء بطريق المصادفة.
النتائج السلبية للدين:
1- الإيمان بالإله يؤدي إلى نفي عالم البشرية الأرضي و يقود إلى عدم الإهتمام بالحياة و بالتطور البشريين.
2- الإيمان بالإله يعرقل العلم و التقدم، التوعية و الحرية …. هذا يعني أنه يعارض التقدم و العمل من أجل حياة أفضل.
3- الإيمان بالإله يؤدي إلى عدم التسامح مع الذين لا يؤمنون بالإله ذاته … هذا يعني أن عدم التسامح نتيجة حتمية للأديان.
------------------------------------
كارل ماركس و نظرته إلى الدين :
عاش ماركس بين العامين 1818 و 1883. و هو ينحدر من أسرة يهودية إعتنقت البروتستانتية.
من الصعب الحديث عن مفهوم و نقد ماركس للدين بدون التطرق في هذا السياق إلى فويرباخ الذي شكلت أفكاره أساس نظرة ماركس إلى الدين.
ففي الوقت الذي عمل فيه فويرباخ على شرح الدين بالنسبة للإنسان بشكل تجريدي يري ماركس الإنسان كجزء من مجموعة بشرية. "الإنسان، هو عالم البشر، الدولة، المجتمع. هذه الدولة و هذا المجتمع ينتجون الدين الذي هو وعي مطلق خاطيء لأن أسبابه (الدولة و المجتمع) هي عالم خاطيء" .
لذلك يعتقد ماركس أن إزالة الدين لا تعني حصول الإنسان على كماله. فأسباب نشوء الدين موجودة داخل العالم الحقيقي (الحياة البشرية) و يجب تغيير هذا العالم البشري قبل كل شيء.
لذلك فإن نضال ماركس لم يكن ضد الدين إنما ضد أسباب وجوده. فحقيقة الغربة الدينية للإنسان تكمن في أصلها و مبدأها أي في أسباب حدوثها و تطورها. بالتالي فمع القضاء على أسباب هذه الغربة يختفي الشعور الديني تلقائيا. لذلك يجب أن النضال ضد أسباب هذه الغربة الدينية و ليس ضد الغربة الدينية.
كتب ماركس في موضوعاته عن فويرباخ:
"إن الفلاسفة لم يفعلوا غير أن فسروا العالم بأشكال مختلفة و لكن المهمة تتقوم في تغييره ".
لذلك يرى ماركس أن نقد الدين يجب أن يكون من أجل المعرفة أي من أجل معرفة حقيقة أساسيات و أصل الدين و بالتالي يكتشف الإنسان التناقض بين المخلوق الوهمي (الإله) و ماهية البشر الحقيقية.
أفيون الشعب:
مشهورة هذه الجملة و لكن هل يفهم هذه الجملة جميع من يستخدمها ؟
الوقت الذي عاش فيه ماركس كان عصر التطور الصناعي و بالتالي فقد العمال في هذا النوع من الصناعة العلاقة مع البضاعة التي ينتجوها لأنهم تحولوا من منتجين للبضاعة إلى خدم للآلات التي تنتج البضاعة. هذا أدى إلى تذمر العمال و إحساسهم بالإستغلال.
في هذا الوقت نشأت هذه الجملة "الدين هو أفيون الشعب". لأن الإنسان يستطيع إحتمال الألم الجسدي بمساعدة الأفيون و كذلك فإن الشعب يستطيع إحتمال الألم الناتج عن بؤس الحياة بواسطة الدين. فالأفيون يوهم الإنسان بشعور السعادة و كذلك الدين.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
موضوعات عن فورباخ (فويرباخ) (نقد ماركس لأطروحات فريرباخ)
منقول من:
http://www.marxists.org/arabic/marx/works/1845/feuerbach.htm
إن النقيصة الرئيسية في المادية السابقة بأسرها - بما فيها مادية فورباخ - هي أن الشيء (Gegenstand) ، الواقع ، الحساسية ، لم تُعرض فيها إلا بشكل موضوع (Objekt) أو بشكل تأمل (Anschauung) ، لا بشكل نشاط إنساني حسيّ ، لا بشكل تجربة ، لا من وجهة النظر الذاتية. و نجم عن ذلك أن الجانب العملي ، بخلاف المادية ، إنما طورته المثالية ، و لكن فقط بشكل تجريدي ، لأن المثالية لا تعرف، بطبيعة الحال، النشاط الواقعي الحسي كما هو في الأصل. و فورباخ يريد الموضوعات الحسية التي تتميز في الحقيقة عن الموضوعات الفكرية، و لكنه لا ينظر إلى النشاط الإنساني نفسه بوصفه نشاطا واقعيا (gegenstandliche) . و لهذا لم يعتبر في كتابه "جوهر المسيحية" شيئا إنسانيا حقا إلا النشاط النظري ، في حين أنه لم ينظر إلى النشاط العملي و لم يحدده إلا من حيث شكله التجاري الوسخ. و لهذا ، لا يدرك أهمية النشاط "الثوري" ، "النقدي-العملي ".
2
إن معرفة ما إذا كان التفكير الإنساني له حقيقة واقعية (gegenstandliche) ليست مطلقا قضية نظرية ، إنما هي قضية عملية ؛ ففي النشاط العملي ينبغي على الإنسان أن يثبت الحقيقة ، أي واقعية و قوة تفكيره و وجود (Diesseitigkeit) هذا التفكير في عالمنا هذا . و النقاش حول واقعية أو عدم واقعية التفكير المنعزل عن النشاط العملي إنما هو قضية كلامية بحتة.
3
إن النظرية المادية التي تقر بأن الناس هم نتاج الظروف و التربية ، و بالتالي بأن الناس الذين تغيروا هم نتاج ظروف أخرى و تربية متغيرة ، - هذه النظرية تنسى أن الناس هم الذين يغيرون الظروف و أن المربي هو نفسه بحاجة للتربية . و لهذا فهي تصل بالضرورة إلى تقسيم المجتمع قسمين أحدهما فوق المجتمع (عند روبرت أوين مثلا .)
إن اتفاق تبدل الظروف و النشاط الإنساني لا يمكن بحثه و فهمه فهما عقلانيا إلا بوصفه عملا ثوريا.
4
إن فورباخ ينطلق من واقع أن الدين يُبعد الإنسان عن نفسه ، و يشطر العالم إلى عالم ديني موهوم و عالم واقعي. و عمله ينحصر في جر العالم الديني إلى قاعدته الأرضية. و هو لا يرى أنه متى انتهى هذا العمل ، يبقى الشيء الرئيسي غير منجز. و الواقع أن القاعدة الأرضية تفصل نفسها عن نفسها و تنقل نفسها إلى السحاب بوصفها ملكوتا مستقلا. لا يمكن تفسيره إلا بالنزعات و التناقضات الداخلية الملازمة لهذه القاعدة الأرضية. يجب إذن ، أولا ، فهم هذه الأخيرة في تناقضها ، و بعد ذاك يجب تعديلها بشكل ثوري عن طريق إزالة هذا التناقض. و عليه ، حين يكتشف ، مثلا ، سر العائلة المقدسة في العائلة الأرضية ، يجب انتقاد العائلة الأرضية نفسها نظريا و تحويلها ثوريا بشكل عملي.
5
إن فورباخ الذي لا يرضيه التفكير المجرد يستنجد بالتأمل الحسي ؛ و لكنه لا يعتبر الحساسية نشاطا عمليا للحواس الإنسانية.
6
إن فورباخ يُذيب الجوهر الديني في الجوهر الإنساني . و لكن الجوهر الإنساني ليس تجريدا ملازما للفرد المنعزل. فهو في حقيقته مجموع العلاقات الاجتماعية كافة .
إن فورباخ الذي لا ينتقد هذا الجوهر الحقيقي مضطر إذن إلى :
1- أن يتجرد عن سير التاريخ و أن يعتبر الشعور الديني (gernut) في ذاته ، مفترضا وجود فرد إنساني مجرد منعزل ؛
2- أن يعتبر ، بالتالي ، الجوهر الإنساني فقط بوصفه "نوعا" ، تعميما داخليا أخرس ، يربط كثرة من الأفراد بعرى طبيعية بحتة .
7
و نتيجة لذلك لا يرى فورباخ أن "الشعور الديني" هو نفسه نتاج اجتماعي و أن الفرد المجرد الذي يحلله يرجع في الحقيقة إلى شكل اجتماعي معين .
8
إن الحياة الاجتماعية هي بالأساس حياة عملية . و كل الأسرار الخفية التي تجر النظرية نحو الصوفية ، تجد حلولها العقلانية في نشاط الإنسان العملي و في فهم هذا النشاط .
9
إن الذروة التي بلغتها المادية التأملية، أي المادية التي لا تعتبر الحساسية نشاطا عمليا إنما هي تأمل أفراد منعزلين في "المجتمع المدني ."
10
إن وجهة نظر المادية القديمة هي المجتمع "المدني" ؛ و وجهة نظر المادية الجديدة هي المجتمع البشري أو البشرية التي تتسم بطابع اجتماعي .
11
إن الفلاسفة لم يفعلوا غير أن فسروا العالم بأشكال مختلفة و لكن المهمة تتقوم في تغييره .
الكاتب: chajjam
المصدر: شبكة اللادينيين العرب
عاش فويرباخ بين العامين 1804 و 1872 و درس في البداية ديانة مسيحية أنجليكانية و بعد نهاية الدراسة تحول إلى أستاذه هيغل و درس الفلسفة. لم يتبع فويرباخ فلسفة أستاذه هيغل إنما بدأ بالعمل على تطوير فلسفة خاصة به.
تغير فويرباخ خلال حياته من إنسان مؤمن تقي إلى ناقد فلسفي و سياسي للديانات و هذا ما دعا ماركس لوصفه بأنه "أكبر أنبياء الإشتراكية".
حقيقة الأديان:
السبب الأساسي في تطور الأديان البشرية هو مقدرتهم على التفكير و إمتلاك الوعي و هذا هو الفرق الأساسي بين الإنسان و الحيوان فالإنسان يعي وجوده و لا يقوم الحيوان بذلك و لذلك يعيش المرء في ثنائية أنا – أنت. أما هذه ال "أنت" فهي ال "أنا" التي إنفصلت عن الذات لتلعب دورا جديدا في الجماعة البشرية.
و ينبع أصل تطور الأديان في الماهية البشرية من لانهائية الوعي البشري. لذلك فإن الدين هو سلوك أو تصرف الإنسان مع ماهيته اللانهائية.
الشيء الأساسي في الديانة المسيحية هو أمنيات البشر و بالتالي فإن أساسيات الديانة المسيحية هي هذه الأمنيات البشرية في شكلها النهائي عندما تتحقق. فعلى سبيل المثال يتمنى البشر حياة من دون كوارث و مصائب، فهذا هو الإله الذي وجدوه و كذلك فإن أمنياتهم بحياة سعيدة نظيفة من جميع الكوارث جعلهم يعتقدون بأن هذه الحياة ستكون موجودة في العالم الآخر. و هناك نقطة أساسية مهمة في الديانة المسيحية و هي قيامة المسيح من الأموات، هذه القيامة التي تعني الرغبة البشرية في الخلود و عدم الموت.
يرى المتدين إلهه كروح مطلقة و بناء على ذلك يعتقد فويرباخ أن الله ،كروح مطلقة، هو الإنعكاس المثالي للعقل البشري. أما تعريف الإله بأنه قوة الخير المطلقة فما هو إلا إنعكاس للأخلاق البشرية و للحب.
كتب فويرباخ: إله البشر الوحيد هو الإنسان.
أما من الناحية النفسية فيعتقد فويرباخ أن المتدين الذي يخاطب إلهه أثناء الصلاة أنما يخاطب نفسه أو نفسه الأخرى أي يخاطب الصورة أو الماهية التي يتمناها لنفسه.
كتب فويرباخ: "الإنسان هو ما يأكل"
يخطيء الكثيرون عندما يعتقدون أن فويرباخ يتحدث هنا بشكل مادي عن نوعية الطعام و أشكاله، فهذه المقولة موجهة بالأصل ضد أستاذه هيغل. أراد فويرباخ في هذه الجملة أن يهدم فهم هيغل المثالي للإنسان و حديثه عن الروح. يريد فويرباخ في هذه الجملة أن يقول أن الإنسان هو جزء من الأرض و بذلك فإن الإنسان هو إنتاج مادي جاء بطريق المصادفة.
النتائج السلبية للدين:
1- الإيمان بالإله يؤدي إلى نفي عالم البشرية الأرضي و يقود إلى عدم الإهتمام بالحياة و بالتطور البشريين.
2- الإيمان بالإله يعرقل العلم و التقدم، التوعية و الحرية …. هذا يعني أنه يعارض التقدم و العمل من أجل حياة أفضل.
3- الإيمان بالإله يؤدي إلى عدم التسامح مع الذين لا يؤمنون بالإله ذاته … هذا يعني أن عدم التسامح نتيجة حتمية للأديان.
------------------------------------
كارل ماركس و نظرته إلى الدين :
عاش ماركس بين العامين 1818 و 1883. و هو ينحدر من أسرة يهودية إعتنقت البروتستانتية.
من الصعب الحديث عن مفهوم و نقد ماركس للدين بدون التطرق في هذا السياق إلى فويرباخ الذي شكلت أفكاره أساس نظرة ماركس إلى الدين.
ففي الوقت الذي عمل فيه فويرباخ على شرح الدين بالنسبة للإنسان بشكل تجريدي يري ماركس الإنسان كجزء من مجموعة بشرية. "الإنسان، هو عالم البشر، الدولة، المجتمع. هذه الدولة و هذا المجتمع ينتجون الدين الذي هو وعي مطلق خاطيء لأن أسبابه (الدولة و المجتمع) هي عالم خاطيء" .
لذلك يعتقد ماركس أن إزالة الدين لا تعني حصول الإنسان على كماله. فأسباب نشوء الدين موجودة داخل العالم الحقيقي (الحياة البشرية) و يجب تغيير هذا العالم البشري قبل كل شيء.
لذلك فإن نضال ماركس لم يكن ضد الدين إنما ضد أسباب وجوده. فحقيقة الغربة الدينية للإنسان تكمن في أصلها و مبدأها أي في أسباب حدوثها و تطورها. بالتالي فمع القضاء على أسباب هذه الغربة يختفي الشعور الديني تلقائيا. لذلك يجب أن النضال ضد أسباب هذه الغربة الدينية و ليس ضد الغربة الدينية.
كتب ماركس في موضوعاته عن فويرباخ:
"إن الفلاسفة لم يفعلوا غير أن فسروا العالم بأشكال مختلفة و لكن المهمة تتقوم في تغييره ".
لذلك يرى ماركس أن نقد الدين يجب أن يكون من أجل المعرفة أي من أجل معرفة حقيقة أساسيات و أصل الدين و بالتالي يكتشف الإنسان التناقض بين المخلوق الوهمي (الإله) و ماهية البشر الحقيقية.
أفيون الشعب:
مشهورة هذه الجملة و لكن هل يفهم هذه الجملة جميع من يستخدمها ؟
الوقت الذي عاش فيه ماركس كان عصر التطور الصناعي و بالتالي فقد العمال في هذا النوع من الصناعة العلاقة مع البضاعة التي ينتجوها لأنهم تحولوا من منتجين للبضاعة إلى خدم للآلات التي تنتج البضاعة. هذا أدى إلى تذمر العمال و إحساسهم بالإستغلال.
في هذا الوقت نشأت هذه الجملة "الدين هو أفيون الشعب". لأن الإنسان يستطيع إحتمال الألم الجسدي بمساعدة الأفيون و كذلك فإن الشعب يستطيع إحتمال الألم الناتج عن بؤس الحياة بواسطة الدين. فالأفيون يوهم الإنسان بشعور السعادة و كذلك الدين.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
موضوعات عن فورباخ (فويرباخ) (نقد ماركس لأطروحات فريرباخ)
منقول من:
http://www.marxists.org/arabic/marx/works/1845/feuerbach.htm
إن النقيصة الرئيسية في المادية السابقة بأسرها - بما فيها مادية فورباخ - هي أن الشيء (Gegenstand) ، الواقع ، الحساسية ، لم تُعرض فيها إلا بشكل موضوع (Objekt) أو بشكل تأمل (Anschauung) ، لا بشكل نشاط إنساني حسيّ ، لا بشكل تجربة ، لا من وجهة النظر الذاتية. و نجم عن ذلك أن الجانب العملي ، بخلاف المادية ، إنما طورته المثالية ، و لكن فقط بشكل تجريدي ، لأن المثالية لا تعرف، بطبيعة الحال، النشاط الواقعي الحسي كما هو في الأصل. و فورباخ يريد الموضوعات الحسية التي تتميز في الحقيقة عن الموضوعات الفكرية، و لكنه لا ينظر إلى النشاط الإنساني نفسه بوصفه نشاطا واقعيا (gegenstandliche) . و لهذا لم يعتبر في كتابه "جوهر المسيحية" شيئا إنسانيا حقا إلا النشاط النظري ، في حين أنه لم ينظر إلى النشاط العملي و لم يحدده إلا من حيث شكله التجاري الوسخ. و لهذا ، لا يدرك أهمية النشاط "الثوري" ، "النقدي-العملي ".
2
إن معرفة ما إذا كان التفكير الإنساني له حقيقة واقعية (gegenstandliche) ليست مطلقا قضية نظرية ، إنما هي قضية عملية ؛ ففي النشاط العملي ينبغي على الإنسان أن يثبت الحقيقة ، أي واقعية و قوة تفكيره و وجود (Diesseitigkeit) هذا التفكير في عالمنا هذا . و النقاش حول واقعية أو عدم واقعية التفكير المنعزل عن النشاط العملي إنما هو قضية كلامية بحتة.
3
إن النظرية المادية التي تقر بأن الناس هم نتاج الظروف و التربية ، و بالتالي بأن الناس الذين تغيروا هم نتاج ظروف أخرى و تربية متغيرة ، - هذه النظرية تنسى أن الناس هم الذين يغيرون الظروف و أن المربي هو نفسه بحاجة للتربية . و لهذا فهي تصل بالضرورة إلى تقسيم المجتمع قسمين أحدهما فوق المجتمع (عند روبرت أوين مثلا .)
إن اتفاق تبدل الظروف و النشاط الإنساني لا يمكن بحثه و فهمه فهما عقلانيا إلا بوصفه عملا ثوريا.
4
إن فورباخ ينطلق من واقع أن الدين يُبعد الإنسان عن نفسه ، و يشطر العالم إلى عالم ديني موهوم و عالم واقعي. و عمله ينحصر في جر العالم الديني إلى قاعدته الأرضية. و هو لا يرى أنه متى انتهى هذا العمل ، يبقى الشيء الرئيسي غير منجز. و الواقع أن القاعدة الأرضية تفصل نفسها عن نفسها و تنقل نفسها إلى السحاب بوصفها ملكوتا مستقلا. لا يمكن تفسيره إلا بالنزعات و التناقضات الداخلية الملازمة لهذه القاعدة الأرضية. يجب إذن ، أولا ، فهم هذه الأخيرة في تناقضها ، و بعد ذاك يجب تعديلها بشكل ثوري عن طريق إزالة هذا التناقض. و عليه ، حين يكتشف ، مثلا ، سر العائلة المقدسة في العائلة الأرضية ، يجب انتقاد العائلة الأرضية نفسها نظريا و تحويلها ثوريا بشكل عملي.
5
إن فورباخ الذي لا يرضيه التفكير المجرد يستنجد بالتأمل الحسي ؛ و لكنه لا يعتبر الحساسية نشاطا عمليا للحواس الإنسانية.
6
إن فورباخ يُذيب الجوهر الديني في الجوهر الإنساني . و لكن الجوهر الإنساني ليس تجريدا ملازما للفرد المنعزل. فهو في حقيقته مجموع العلاقات الاجتماعية كافة .
إن فورباخ الذي لا ينتقد هذا الجوهر الحقيقي مضطر إذن إلى :
1- أن يتجرد عن سير التاريخ و أن يعتبر الشعور الديني (gernut) في ذاته ، مفترضا وجود فرد إنساني مجرد منعزل ؛
2- أن يعتبر ، بالتالي ، الجوهر الإنساني فقط بوصفه "نوعا" ، تعميما داخليا أخرس ، يربط كثرة من الأفراد بعرى طبيعية بحتة .
7
و نتيجة لذلك لا يرى فورباخ أن "الشعور الديني" هو نفسه نتاج اجتماعي و أن الفرد المجرد الذي يحلله يرجع في الحقيقة إلى شكل اجتماعي معين .
8
إن الحياة الاجتماعية هي بالأساس حياة عملية . و كل الأسرار الخفية التي تجر النظرية نحو الصوفية ، تجد حلولها العقلانية في نشاط الإنسان العملي و في فهم هذا النشاط .
9
إن الذروة التي بلغتها المادية التأملية، أي المادية التي لا تعتبر الحساسية نشاطا عمليا إنما هي تأمل أفراد منعزلين في "المجتمع المدني ."
10
إن وجهة نظر المادية القديمة هي المجتمع "المدني" ؛ و وجهة نظر المادية الجديدة هي المجتمع البشري أو البشرية التي تتسم بطابع اجتماعي .
11
إن الفلاسفة لم يفعلوا غير أن فسروا العالم بأشكال مختلفة و لكن المهمة تتقوم في تغييره .
الكاتب: chajjam
المصدر: شبكة اللادينيين العرب
0 تعليق(ات):
إرسال تعليق