The Out Campaign
  

محرك البحث اللاديني المواقع و المدونات
عرض مدونات الأديان من صنع الإنسان
تصنيفات مواضيع "مع اللادينيين و الملحدين العرب"    (تحديث: تحميل كافة المقالات PDF جزء1  جزء2)
الإسلام   المسيحية   اليهودية   لادينية عامة   علمية   الإلحاد   فيديوات   استفتاءات   المزيد..

24‏/10‏/2010

الكون بين العلم والدين

الكاتب: كامل النجار
المصدر: الحوار المتمدن

قبل آلاف السنين، وقبل أن يُدجّن الإنسان الحمار والبعير، كان العالم المعروف له محدوداً بالمسافة التي كان يستطيع أن يسيرها على الأقدام. وحتى بعد اختراع العجلة وتصنيع المركبات الخشبية التي كانت تجرها الحصين والبغال، ظل عالم إنسان تلك القرون محدوداً إلى أن تمكن من تصنيع المراكب الضخمة التي استطاع بواسطتها ركوب البحر والسفر إلى الهند من الشرق الأوسط، والسفر من اليونان أو روما إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وخرائط العالم في وقت بطليموس تختلف كلياً عن خرائطه الآن. ولهذا السبب جاءت الديانات السماوية الثلاثة في منطقة جغرافية محدودة انحصر فيها تعاليم تلك الأديان لأن كل دين اقتبس من اتباع الدين الذي سبقه في نفس المنطقة.
جاءت التوراة (العهد القديم) بمفهوم ذلك العالم البدائي المحدود وانحصرت قصصها على مصر وأرض كنعان واليمن. ونسبةً لشح العلم في تلك الأيام، جاءت فكرة خلق العالم والإنسان في التوراة كوصف لما رآه كاتب التوراة بالعين المجردة، وفي تلك المنطقة الجغرافية المحدودة. وتخيل الكاتب أن الإله خلق السموات والأرض في ستة أيام واستراح في اليوم السابع حتى يُعلّم الإنسان أن يستريح في نهاية الأسبوع. وبالطبع كان خيال كاتب التوراة محدوداً نسبةً لمحدودية خبراته وعلمه، فعندما جاء ليشرح أين كان الإله قبل أن يخلق السموات، قال إن عرشه كان على الماء. ولم يقل لنا أين كان هذا الماء قبل أن تُخلق السموات والأرض، وعلى ماذا كان الماء مستقراً حتى يحمل عرش الإله.


والمسيحية التي أتت بعد حوالي ألف عامٍ من اليهودية، وبدأت في نفس المنطقة الجغرافية، أخذت قصة الخلق كشيء مسلّم به وردد كاتبو الإنجيل أن الله خلق الكون في ستة أيام. ولما جاء محمد بعد حوالي ستمائة سنة من يسوع، وتعلم تعاليم اليهودية والمسيحية من معاصريه، كرر نفس قصة الخلق مع إضافة بعض الرتوش التي اقتضتها ضرورة أن الإسلام دين جديد ولا بد أن يأتي بأشياء جديدة.
محمد اعتمد في تجديد أفكاره عن خلق العالم على الأشياء المحسوسة والمرئية له. وكان يعتقد، كما اعتقد بطليموس، أن الأرض مسطحة وأن الشمس تدور حولها، وأن النجوم هي مصابيح وضعها الله في السماء الدنيا من السموات السبع المتطابقة، ليهتدي بها المسافرون ليلاً، وليرجم بها الجن عندما يحاولون استراق السمع عندما يكون الله يتحدث إلى ملائكته عن أحوال العالم. أما القمر فقد ظن محمد أنه خُلق لتحديد الشهور للناس، فقال (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس). والشمس التي تغرب في عين حمئة كل مساء، ثم تسجد تحت العرش وتطلب الإذن للشروق، تشرق عند أناس لم يجعل الله لهم من دونها ستراً. ويعتمد هؤلاء الناس في المشرق في غذائهم على الأسماك، كما يقول المفسرون. أما مفهوم الليل والنهار فقد كان بالنسبة لمحمد عبارة عن عملية سلخ (وآيةٌ الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون. والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم. والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم. لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكلٌ في فلك يسبحون) (يس 37-40).
يتضح من هذه الآيات أن محمداً كان يعتقد أن الشمس والقمر يجريان في نفس المدار ولكن لا يجوز لأحدهما أن يدرك الآخر. أما كون القمر يمر بمنازل حتى يصير كالعرجون القديم، فهو تشبيه لا يمكن أن نتخيله. فالعرجون هو طلع النخلة الذي ينمو عليه التمر. وبعد نضوج وحصاد التمر يصبح الطلع عرجوناً قديماً، أي قطعةً من ألياف قديمة. فكيف يصبح القمر كالعرجون القديم فلا علم لنا بذلك.
وعندما جاء محمد لخلق السماء والأرض، دخل في حيص بيص، كما يقولون، لأن العهد القديم والإنجيل لم يذكرا التفاصيل التي أرادها محمد. فقال محمد (قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سموات في يومين) ( فصلت 9-11). فالله خلق الأرض في يومين، ثم قدّر فيها أرزاقها من نبات وأشجار وحيوانات في يومين، ثم أمر الأرض والسماء التي كانت دخاناً أن يأتيا إليه، فخلق السماء بدون عمدٍ نراها، في يومين كذلك.
ويصبح تعريف السماء الإسلامي مشكلة عويصة لم تُحل حتى الآن. فالله يقول (والسماء بنيناها بأييدٍ وإنا لموسعون) (الذاريات 47). ونفهم من هذه الآية أن السماء بناءٌ صلب بناه الله بأييد ثم رفعه دون أي عمد نراها. ويؤكد لنا ذلك بقوله (والسماء رفعها ووضع الميزان) (الرحمن 7). ولكن الإسلامويين الجدد حاولوا التملص من هذا المعنى وقالوا إن السماء هي كل ما سما فوقنا. ولا نفهم كيف نقسّم الهواء فوقنا إلى سبعة سموات طباقاً. فإذاً مخيلة محمد جعلت الله يخلق الأرض وأقواتها في أربعة أيام، ثم يخلق السماء بنجومها وكواكبها في يومين.
فماذا يقول العلم عن الكون؟ الكون بدأ بالبج بانج قبل 13.7 بليوناً من السنين. خلق الانفجار مجرات عديدة بما فيها المجرة الشمسية التي تحتوي على شمسنا. هذا الكون الفسيح يبلغ قطره مليون مليون مليون مليون ميل، أي 1000000000000000000000000 ميلاً. وهذا فقط هو قطر الكون المرئي لنا، أي الذي يصلنا منه نور. فالفضاء الكوني لا حدود له. ولتقريب هذه المسافات إلى عقولنا يكفي أن نتذكر أن سفينة الفضاء فويجر voyager التي أطلقتها مؤسسة ناسا الأمريكية في عام 1977 ما زالت تسافر في الفضاء بسرعة هائلة وقد أصبحت الآن على بعد 10 بلايين من الأميال عن الأرض وما زالت على حافة مجرتنا الشمسية. بعد هذا سوف تدخل في المنطقة المعروفة باسم interstellar space أي فضاء ما بين المجرات، وهناك أكثر من بليون مجرة أخرى.
وفي محاولة لتقريب حدود مجرتنا الشمسية يمكن أن نرسمها رسم تقريبي يحتفظ بالمقاسات المعروفة، على ورقة طويلة جداً، ولكي نفعل ذلك علينا أن نضغط حجم الشمس والكواكب. فإذا جعلنا الأرض بحجم بذرة الباسلة pea سيكون كوكب المشترى Jupiter على بُعد 300 متراً من الأرض على ورقة الرسم البياني. أما بلوتو Pluto فسوف يكون على بعد اثنين كيلومتراً ونصف الكيلومتر. أما أقرب نجم إلينا، وهو المعروف ب Proxima Centauri سوف يكون على بعد 16000 كيلومتراً.
وإذا عرفنا أن أقرب كوكب إلى الشمس هو عطارد Mercury تليه الزهرة Venus ثم الأرض، ثم المريخ Mars ثم المشترى Jupiter ثم زحل Saturn ثم Uranus ثم Neptune ثم بلوتو، لعرفنا كبر حجم المجرة الشمسية. فلو وقف إنسان على بلوتو واستطاع أن يرى الشمس فسوف يكون حجمها بحجم رأس الدبوس. ويكفي أن نعرف أن المريخ الذي هو رابع كوكب من الشمس، يبعد عن الأرض، التي هي ثالث كوكب من الشمس، بحوالي 276 مليون كيلومتراً.
(نقلاً عن Bill Bryson, A Short History of Everything)
هذه الأبعاد الشاسعة في المجرة الواحدة، وهناك أكثر من بليون مجرة، خلقها الله في يومين. والأرض التي لا تساوي رأس دبوس بالنسبة لنجوم المجرة، خلقها الله في يومين ثم خلق أقواتها في يومين. فهذا الإله قضى أربعة أيام ليخلق الأرض وخلق كل هذه المجرات في يومين فقط. فالاحتمال الوحيد هنا هو أن الله أمسك بالطين وخلق الأرض وكورها في يومين بيديه، ثم جلس وزرع الأشجار والحشائش في يومين كذلك. وفجأة تذكر أن عليه أن يخلق المجرات بكواكبها ونجومها التي يزيد حجمها عن حجم الأرض مئات المرات في يومين فقط، فقال للمجرات "كوني" فكانت، لأنه إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون. ولا ندري لماذا لم يقل للأرض كوني فتكون. ربما يكون قد أصابه الملل من الاستواء على العرش بدون أي عمل فقرر أن يخلق الأرض بيديه بدل أن يقول لها "كوني".
أما شمسنا فقد تكونت قبل حوالي 4.6 بليوناً من السنوات. فقد تجمعت كمية من الغازات وغبار الفضاء الجوي في شيء يشبه السحاب، قطره 24 بليون كيلومتراً. 99.99 بالمئة منه كونت الشمس، وقليل من هذا الغبار تجمع مع بعضه ليكون أرضاً صغيرة نمت تدريجياً على مدى200 مليون سنة لتصل حجم الأرض الآن. وفي البداية كانت هذه الأرض عبارة عن كتلة من المادة المنصهرة وعلى درجة حرارة عالية جداً. وبالتدريج برد سطح الأرض وكون قشرتها الخارجية وما يزال مركزها منصهراً. وفي نفس الوقت الذي تكونت فيه الأرض وما زالت منصهرة، ارتطم جسم سماوي بحجم المريخ بالأرض مما أثار غباراً تجمع تدريجياً ليتكون منه القمر. والدليل على ذلك أن صخور القمر بها كميات ضئيلة جداً من الحديد لأنه تكون من قشرة الأرض التي بها كميات بسيطة من الحديد، بينما أغلب الحديد بالأرض في جوفها.
ولا نعلم أي قمر يرمز إليه القرآن عندما يقول (صار كالعرجون القديم). فهناك الآن في مجرتنا الشمسية فقط تسعون قمراً على الأقل. وبما أن الأقمار تدور حول كواكبها التي تدور حول الشمس، فليس هناك أي احتمال أن يتسابق القمر مع الشمس حتى يقول لنا القرآن ( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكلٌ في فلك يسبحون).
وقرآن محمد تحدث فقط عن الأشياء المرئية بالعين المجردة ولم يذكر بتاتاً أي شيء عن المكروبات التي لولاها لما كانت هناك حياة على الأرض. فالمكروبات ذات الخلية الواحدة أو الخلايا العديدة كانت أول أنواع الحياة التي بدأت في المحيطات على أرضنا هذه بعد أن برد سطحها. وهذه المكروبات هي التي تولد الأوكسجين الذي تحتاجه كل الحيوانات والنباتات. ولذلك استمرت الأرض لمدة بليونين من السنين بدون حياة أخرى حتى بلغت نسبة الأوكسجين في الجو نسبته الحالية التي تسمح بالحياة على سطح الأرض. والباكتريا هي التي تأخذ النتروجين من الهواء وتحوله إلى حوامض الأمينو أسيد في التربة التي تعيش عليها النباتات. المصانع الحديثة التي تنتج المخصبات الزراعية fertilizers عليها أن تسخّن المواد الخام إلى 500 درجة مئوية وتضغطها بضغط ما يعادل 300 مرة الضغط العادي، لتصنع المخصبات. والبكتريا تصنع ذلك بكل سهولة. ومكروبات الألغي Algae التي تعيش في المحيطات تنتج يوماً 150 بليون كيلوجرام من الأوكسجين الذي يطفو على سطح البحر ثم يختلط بالهواء الذي نتنفسه. ولولا هذه المكروبات لما بدأت والحياة، وحتى لو بدأت لما استمرت لأن استمرارنا في الحياة يتطلب إعادة استعمال المواد البروتينية أي biodegradation وهو أن تحلل الباكتريا الأجسام الميتة وتحولها إلى حوامض أمينية (نتروجين) يستعملها النبات لينمو، فتأكل الحيوانات هذه النباتات لتنمو هي، ثم نأكل نحن لحوم، أي بروتينات هذه الحيوانات لنبني أجسامنا، وهكذا. وحتى فضلاتنا تحولها البكتريا إلى حوامض أمينية مفيدة. كل هذا المجهود الجبار من جانب المكروبات لم يحظ بأي ذكر في الكتب المقدسة التي يُقال إنها أتت من عليم قدير يسكن السموات السبع، وفي الواقع هو خيال يسكن العقول المؤدلجة إذ ليس هناك سماء وإنما فضاء أبدي.
ولو تخيلنا أن عمر الأرض وهو 4.5 بليون سنة يمكننا ضغطة في يوم واحد من أيامنا، أي 24 ساعة فقط، تكون الحياة المكروبية قد بدأت الساعة 4 صباحاً. واستمرت لمدة 16 ساعة على هذا المنوال. وفي الساعة الثامنة مساءً ظهرت أول النباتات المائية ثم بعد عشرين دقيقة ظهرت الأسماك. وفي الساعة العاشرة مساء ظهرت نباتات الأرض وبعض الحيوانات. في الساعة 11 مساءً ظهرت الديناصورات. وفي الساعة 11 وأربعين دقيقة ليلاً انقرضت الديناصورات. ويظهر الإنسان في الساعة 11 والدقيقة 59 ليلاً.
وعندما جاءت الكتب "المقدسة" لتصف خلق الإنسان، قالت إن الله خلق آدم من تراب ونفخ فيه من روحه ثم خلق ؛واء من ضلعه. ولو حدث هذا فإن حواء تكون قد وُجدت عن طريق الاستنساخ من آدم، وبالتالي فهي تحمل نفس جينات آدم بالكامل. وعليه سوف يرث أطفالها نفس الجينات، وعليه تكون كل الأجيال حاملة لنفس الجينات المتشابهة ولا فرق بين إنسانٍ وإنسانٍ آخر، أي كأن كل البشر توأم متطابقين identical twins. وطبعاً هذا لا ينطبق على الإنسان ولا الحيوان
فلو كان موسى أو يسوع أو محمد يعرف هذه الحقائق، بل لو كان رب السماء المزعوم على علم بهذه الحقائق العلمية لما قالت الأديان إن الله خلق العالم في ستة أيام وكان عرشه على الماء. ونستنتج من قصة خلق الكون أنه لا وحيٌ أتى من السماء ولا نزل كتابٌ منها، كل ما في الأمر أن العقل البشري البدائي سرح في الفضاء وتخيل أن هناك آلهةً خلقت هذا العالم.

5 تعليق(ات):

إظهار/إخفاء التعليق(ات)

إرسال تعليق

ملاحظة: المواضيع المنشورة لا تمثل بالضرورة رأي ناشرها