The Out Campaign
  

محرك البحث اللاديني المواقع و المدونات
عرض مدونات الأديان من صنع الإنسان
تصنيفات مواضيع "مع اللادينيين و الملحدين العرب"    (تحديث: تحميل كافة المقالات PDF جزء1  جزء2)
الإسلام   المسيحية   اليهودية   لادينية عامة   علمية   الإلحاد   فيديوات   استفتاءات   المزيد..

11‏/08‏/2007

مناظرة بين الشيخ الغزالي وملحد .. قراءة نقدية

مناظرة بين الشيخ الغزالي وملحد .. قراءة نقدية
الكاتب: Joud
المصدر: منتدى الملحدين العرب
هذا موضوع كنت قد شاركت به في منتدى اللادينيين، اعرضه هنا في حال فكر احدى الزملاء المتدينيين ان يقدم لنا المزيد من هذه المناظرات . اخفي طبعا اسم الزميل الذي تقدم بنشر الموضوع .
مشاركة الزميل المسلم في المنتدى

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام على من اتبع الهدى

أنقل لكم هذا الحوار وهو بين الشيخ محمد الغزالي وأحد الملحدين وقد سجل فضيلة الشيخ رحمه الله هذا الحوار في كتابه قذائف الحق.

والآن مع الحوار
ـــــــــــــــــــــ

دار بينى وبين أحد الملاحدة جدال طويل، ملكت فيه نفسى وأطلت صبرى حتى ألقف آخر ما فى جعبته من إفك، وأدمغ بالحجة الساطعة ما يوردون من شبهات ..
قال : إذا كان الله قد خلق العالم فمن خلق الله ؟
قلت له : كأنك بهذا السؤال أو بهذا الاعتراض تؤكد أنه لا بد لكل شىء من خالق !!
قال : لا تلقنى فى متاهات، أجب عن سؤالى .
قلت له : لا لف ولا دوران، إنك ترى أن العالم ليس له خالق، أى أن وجوده من ذاته دون حاجة إلى موجد، فلماذا تقبل القول بأن هذا العالم موجود من ذاته أزلاً وتستغرب من أهل الدين أن يقولوا : إن الله الذى خلق العالم ليس لوجوده أول ؟
إنها قضية واحدة، فلماذا تصدق نفسك حين تقررها وتكذب غيرك حين يقررها، وإذا كنت ترى أن إلهاً ليس له خالق خرافة، فعالم ليس له خالق خرافة كذلك، وفق المنطق الذى تسير عليه .. !!
قال : إننا نعيش فى هذا العالم ونحس بوجوده فلا نستطيع أن ننكره !
قلت له : ومن طالبك بإنكار وجود العالم ؟
إننا عندما نركب عربة أو باخرة أو طائرة تنطلق بنا فى طريق رهيب، فتساؤلنا ليس فى وجود العربة، وإنما
هو : هل تسير وحدها أم يسيرها قائد بصير !!
ومن ثم فإننى أعود إلى سؤالك الأول لأقول لك : إنه مردود عليك، فأنا وأنت معترفان بوجود قائم، لا مجال لإنكاره، تزعم أنه لا أول له بالنسبة إلى المادة، وأرى أنه لا أول لها بالنسبة إلى خالقها .
فإذا أردت أن تسخر من وجود لا أول له، فاسخر من نفسك قبل أن تسخر من المتدينين ..
قال : تعنى أن الافتراض العقلى واحد بالنسبة إلى الفريقين ؟
قلت : إننى أسترسل معك لأكشف الفراغ والادعاء الذين يعتمد عليهما الإلحاد وحسب، أما الافتراض العقلى فليس سواء بين المؤمنين والكافرين ..
إننى ـ أنا وأنت ـ ننظر إلى قصر قائم، فأرى بعد نظرة خبيرة أن مهندساً أقامه، وترى أنت أن خشبة وحديدة وحجرة وطلاءة قد انتظمت فى مواضعها وتهيأت لساكنيها من تلقاء أنفسها ..
الفارق بين نظرتينا إلى الأمور أننى وجدت قمراً صناعياً يدور فى الفضاء، فقلت أنت : " انطلق وحده دونما إشراف أو توجيه " وقلت أنا : بل أطلقه عقل مشرف مدبر ..
إن الافتراض العقلى ليس سواء، إنه بالنسبة إلىّ الحق الذى لا محيص عنه، وبالنسبة إليك الباطل الذى لا شك فيه، وإن كل كفار عصرنا مهرة فى شتمنا نحن المؤمنين ورمينا بكل نقيصة فى الوقت الذى يصفون أنفسهم فيه بالذكاء والتقدم والعبقرية ..
إننا نعيش فوق أرض مفروشة، وتحت سماء مبنية، ونملك عقلاً نستطيع به البحث والحكم، وبهذا العقل ننظر ونستنتج ونناقش ونعتقد .
وبهذا العقل نرفض التقليد الغبى كما نرفض الدعاوى الفارغة، وإذا كان الناس يهزءون بالرجعيين عبيد الماضى ويتندرون بتحجرهم الفكرى، فلا عليهم أن يهزءوا كذلك بمن يميتون العقل باسم العقل، ويدوسون منطق العلم باسم العلم، وهم للأسف جمهرة الملاحدة .. !!
لكننا نحن المسلمين نبنى إيماننا بالله على اليقظة العقلية والحركة الذهنية، ونستقرئ آيات الوجود الأعلى من جولان الفكر الإنسانى فى نواحى الكون كله .
فى صفحة واحدة من سورة واحدة من سور القرآن الكريم وجدت تنويهاً بوظيفة العقل اتخذ ثلاث صور متتابعة فى سلم الصعود، هذه السورة هى سورة الزمر، وأول صورة تطالعك هى إعلاء شأن العلم والغض من أقدار الجاهلين : " قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب " .
ثم تجىء الصورة الثانية لتبين أن المسلم ليس عبد فكرة ثابتة أو عادة حاكمة بل هو إنسان يزن ما يعرض عليه ويتخير الأوثق والأزكى " فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب " ( الزمر : 9 )
ثم يطرد ذكر أولى الألباب للمرة الثالثة فى ذات السياق على أنهم أهل النظر فى ملكوت الله الذين يدرسون قصة الحياة فى مجاليها المختلفة لينتقلوا من المخلوق إلى الخالق " ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع فى الأرض ثم يخرج به زرعاً مختلفاً ألوانه ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يجعله حطاماً إن فى ذلك لذكرى لأولى الألباب "
( الزمر : 21 )
وظاهر من الصور الثلاث فى تلك الصفحة من الوحى الخاتم أن الإيمان لمبتوت الصلة بالتقليد الأعمى أو النظر القاصر أو الفكر البليد .
إنه يلحظ إبداع الخالق فى الزروع والزهور والثمار، وكيف ينفلق الحمأ المسنون عن ألوان زاهية أو شاحبة توزعت على أوراق وأكمام حافلة بالروح والريحان، ثم كيف يحصد ذلك كله ليكون أكسية وأغذية للناس والحيوان، ثم كيف يعود الحطام والقمام مرة أخرى زرعاً جديد الجمال والمذاق تهتز به الحقول والحدائق، من صنع ذلك كله ؟
قال صاحبى وكأنه سكران يهذى : الأرض صنعت ذلك !!
قلت : الأرض أمرت السماء أن تهمى والشمس أن تشع وورق الشجر أن يختزن الكربون ويطرد الأوكسجين والحبوب أن تمتلئ بالدهن والسكر والعطر والنشا ؟؟
قال : أقصد الطبيعة كلها فى الأرض والسماء !
قلت : إن طبق الأرز فى غذائك أو عشائك تعاونت الأرض والسماء وما بينهما على صنع كل حبة فيه، فما دور كل عنصر فى هذا الخلق ؟ ومن المسئول عن جعل التفاح حلواً والفلفل حريفاً أهو تراب الأرض أم ماء
السماء ؟
قال : لا أعرف ولا قيمة لهذه المعرفة !!
قلت : ألا تعرف أن ذلك يحتاج إلى عقل مدبر ومشيئة تصنف ؟
فأين ترى العقل الذى أنشأ والإرادة التى نوعت فى أكوام السباخ أو فى حزم الأشعة ؟؟
قال : إن العالم وجد وتطور على سنة النشوء والارتقاء ولا نعرف الأصل ولا التفاصيل !!
قلت له : أشرح لكم ما تقولون ! تقولون : إنه كان فى قديم الزمان وسالف العصر والأوان مجموعة من العناصر العمياء، تضطرب فى أجواز الفضاء، ثم مع طول المدة وكثرة التلاقى سنحت فرصة فريدة لن تتكرر أبد الدهر، فنشأت الخلية الحية فى شكلها البدائى ثم شرعت تتكاثر وتنمو حتى بلغت ما نرى !! هذا هو الجهل الذى أسميتموه علماً ولم تستحوا من مكابرة الدنيا به !!
أعمال حسابية معقدة تقولون : إنها حلت تلقائياً، وكائنات دقيقة وجليلة تزعمون أنها ظفرت بالحياة فى فرصة سنحت ولن تعود !! وذلك كله فراراً من الإيمان بالله الكبير !!
قال وهو ساخط : أفلو كان هناك إله كما تقول كانت الدنيا تحفل بهذه المآسى والآلام، ونرى ثراء يمرح فيه الأغبياء وضيقاً يحتبس فيه الأذكياء، وأطفالاً يمرضون ويموتون، ومشوهين يحيون منغصين ..
قلت : لقد صدق فيكم ظنى، إن إلحادكم يرجع إلى مشكلات نفسية واجتماعية أكثر مما يعود إلى قضايا عقلية مهمة !!
ويوجد منذ عهد بعيد من يؤمنون ويكفرون وفق ما يصيبهم من عسر ويسر " ومن الناس من يعبد الله على حرف، فإن أصابه خير اطمأن به، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة " ( الحج : 11 )
قال : لسنا أنانيين كما تصف نغضب لأنفسنا أو نرضى لأنفسنا، إننا نستعرض أحوال البشر كافة ثم نصدر حكمنا الذى ترفضه ..
قلت : آفتكم أنكم لا تعرفون طبيعة هذه الحياة الدنيا ووظيفة البشر فيها، إنها معبر مؤقت إلى مستقر دائم، ولكى يجوز الإنسان هذا المعبر إلى إحدى خاتمتيه لا بد أن يبتلى بما يصقل معدنه ويهذب طباعه، وهذا الابتلاء فنون شتى، وعندما ينجح المؤمنون فى التغلب على العقبات التى ملأت طريقهم وتبقى صلتهم بالله واضحة مهما ترادفت البأساء والضراء فإنهم يعودون إلى الله بعد تلك الرحلة الشاقة ليقول لهم : " يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون " ( الزخرف : 68 )
قال : وما ضرورة هذا الابتلاء ؟
قلت : إن المرء يسهر الليالى فى تحصيل العلم، ويتصبب جبينه عرقاً ليحصل على الراحة، وما يسند منصب كبير إلا لمن تمرس بالتجارب وتعرض للمتاعب، فإن كان ذلك هو القانون السائد فى الحياة القصيرة التى نحياها على ظهر الأرض فأى غرابة أن يكون ذلك هو الجهاد الصحيح للخلود المرتقب ؟
قال ـ مستهزئاً ـ : أهذه فلسفتكم فى تسويغ المآسى التى تخالط حياة الخلق وتصبير الجماهير عليها ؟
قلت : سأعلمك ـ بتفصيل أوضح ـ حقيقة ما تشكو من شرور، إن هذه الآلام قسمان : قسم من قدر الله فى هذه الدنيا، لا تقوم الحياة إلا به، ولا تنضج رسالة الإنسان إلا فى حره، فالأمر كما يقول الأستاذ العقاد : " تكافل بين أجزاء الوجود، فلا معنى للشجاعة بغير الخطر، ولا معنى للكرم بغير الحاجة، ولا معنى للصبر بغير الشدة، ولا معنى لفضيلة من الفضائل بغير نقيصة تقابلها وترجح عليها ..
" وقد يطرد هذا القول فى لذاتنا المحسوسة كما يطرد فى فضائلنا النفسية ومطالبنا العقلية، إذ نحن لا نعرف لذة الشبع بغير ألم الجوع، ولا نستمتع بالرى ما لم نشعر قبله بلهفة الظمأ، ولا يطيب لنا منظر جميل ما لم يكن من طبيعتنا أن يسوءنا المنظر القبيح .. "
وهذا التفسير لطبيعة الحياة العامة ينضم إليه أن الله جل شأنه يختبر كل امرئ بما يناسب جبلته، ويوائم نفسه وبيئته، وما أبعد الفروق بين إنسان وإنسان، وقد يصرخ إنسان بما لا يكترث به آخر ولله فى خلقه شئون، والمهم أن أحداث الحياة الخاصة والعامة محكومة بإطار شامل من العدالة الإلهية التى لا ريب فيها .
إلا أن هذه العدالة كما يقول الأستاذ العقاد : " لا تحيط بها النظرة الواحدة إلى حالة واحدة، ولا مناص من التعميم والإحاطة بحالات كثيرة قبل استيعاب وجوه العدل فى تصريف الإرادة الإلهية . إن البقعة السوداء قد تكون فى الصورة كلها لوناً من ألوانها التى لا غنى عنها، أو التى تضيف إلى جمال الصورة ولا يتحقق لها جمال بغيرها، ونحن فى حياتنا القريبة قد نبكى لحادث يعجبنا ثم نعود فنضحك أو نغتبط بما كسبناه منه بعد فواته " .
تلك هى النظرة الصحيحة إلى المتاعب غير الإرادية التى يتعرض لها الخلق .
أما القسم الثانى من الشرور التى تشكو منها يا صاحبى فمحوره خطؤك أنت وأشباهك من المنحرفين .
قال مستنكراً : أنا وأشباهى لا علاقة لنا بما يسود العالم من فوضى ؟ فكيف تتهمنا ؟
قلت : بل أنتم مسئولون، فإن الله وضع للعالم نظاماً جيداً يكفل له سعادته، ويجعل قويه عوناً لضعيفه وغنيه براً بفقيره، وحذر من اتباع الأهواء واقتراف المظالم واعتداء الحدود .
ووعد على ذلك خير الدنيا والآخرة " من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن لنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون " .
فإذا جاء الناس فقطعوا ما أمر الله به أن يوصل، وتعاونوا على العدوان بدل أن يتعاونوا على التقوى فكيف يشكون ربهم إذا حصدوا المر من آثامهم ؟
إن أغلب ما أحدق بالعالم من شرور يرجع إلى شروده عن الصراط المستقيم، وفى هذا يقول الله جل شأنه : " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " ( الشورى : 20 )
إن الصديق رضى الله عنه جرد جيشاً لقتال مانعى الزكاة، وبهذا المسلك الراشد أقر الحقوق وكبح الأثرة ونفذ الإسلام، فإذا تولى غيره فلم يتأس به فى صنيعه كان الواجب على النقاد أن يلوموا الأقدار التى ملأت الحياة
بالبؤس ؟!
قال : ماذا تعنى ؟
قلت : أعنى أن شرائع الله كافية لإراحة الجماهير، ولكنكم بدل أن تلوموا من عطلها تجرأتم على الله واتهمتم دينه وفعله !!
ومن خسة بعض الناس أن يلعن السماء إذا فسدت الأرض، وبدلاً من أن يقوم بواجبه فى تغيير الفوضى وإقامة الحق يثرثر بكلام طويل عن الدين ورب الدين .. !!
إنكم معشر الماديين مرضى تحتاج ضمائركم وأفكاركم إلى علاج بعد علاج ..
وعدت إلى نفسى بعد هذا الحوار الجاد أسألها : إن الأمراض توشك أن تتحول إلى وباء، فهل لدينا من يأسو الجراح ويشفى السقام أم أن الأزمة فى الدعاة المسلمين ستظل خانقة ؟
========================================

الرد على المقالة :

تحياتي للجميع

حتى لا تبقى دعوة الزميل ***** للحوار دون جواب ، ساعقب على المناظرة اعلاه .

قبل البدء اشير الى عدم اهمية معرفة ما إذا كانت المناظرة حقيقة فعلا ام انها مختلقة ، وما إذا كان الشيخ الغزالي هو كاتبها ام انها نسبت له ، وهل جرت بشكل شفهي ثم اعيدت كتابتها ام انها كانت عبر تبادل رسائل تم تلخيصها كما عرضت هنا ، ولا تعنيني هوية الملحد المشار اليه .... المهم اننا نحكم ونحلل على ما قُدم لنا لااكثر ولا اقل . لذا وجب التنويه .

المناظرة بشكلها المعروض ناقصة ! او على الاقل فيها نوع من عدم الوضوح والتناقض كما سنرى . فهي تبدأ بهذا الشكل :


اقتباس
قال : إذا كان الله قد خلق العالم فمن خلق الله ؟
قلت له : كأنك بهذا السؤال أو بهذا الاعتراض تؤكد أنه لا بد لكل شىء من خالق !! ..انتهى الاقتباس


وهذا يفترض طبعا ان هناك ما سبق !
كان من الافضل وضع الفقرة الثانية التي تشير الى مبدأ السببية قبل هذا المدخل لتكون مقدمة على الاقل للسؤال "النتيجة" : ..فمن خلق الله ؟

لكن ما علينا . سنتبع الترتيب الذي اراده الكاتب .

يعرض الشيخ في الفقرة الاولى من المناظرة حجة تقول :

اقتباس
- لو افترضنا ان الكون لا خالق له ، اي انه ازلي ، تسقط عندها اذن مشروعية السؤال عن خالق "الله" ! فكيف نقبل للكون ان يكون ازليا ولا نقبل الشيء نفسه لله ؟! ..انتهى الاقتباس

قد يبدو هنا للقارىء المتسرع ان منطق هذه الحجة سليم ... لكنه ليس كذلك ! إذ ان هنالك تناقضا واضحا فيها ! لانّا لو افترضنا العكس اي ان للكون خالق كما تريد الاديان ، صحَ إذن سؤالنا عن خالق الله !! وهذا ما لا يريد الشيخ الغزالي الوصول اليه لكنه فعل بربط المقارنة بين الكون والله ! فإما ان لا يكون للكون خالق وعندها لا يكون للله خالق وإما ان يكون هناك خالق لكل واحد او للاثنين معا ...!
ويزداد موقف الشيخ احراجا بعد :

اقتباس
قال : إننا نعيش فى هذا العالم ونحس بوجوده فلا نستطيع أن ننكره !
قلت له : ومن طالبك بإنكار وجود العالم ؟ ..انتهى الاقتباس


فهو هنا يقبل دون اي شك وجود العالم (اي الكون) ولا ينكره ، لكنه لم يوضح لنا كيف استطاع التثبت من وجود الله ؟؟
وهو قد قَبِل سابقا ازلية الكون مقابل ازلية الله !
الحاصل : الكون موجود لا سبيل لانكار وجوده ويقول بامكانية ازليته ...
والله لا إثبات على وجوده ويكون ازلي !!

صراحة انا كملحد لا امانع او اعارض ان تضاف لفكرة الله صفة اخرى او ان تنقص منها صفة طالما ان هذه الصفات لا تتعارض مع غيرها . لكن يبقى الهم الاساسي ان الفكرة ليست حقيقة إذن لا وجود فعلي لها !

هنا اتوقف قليلا لعرض استطراد قد يهم القارىء العزيز :
لو ان الشيخ الغزالي كان يقصد بالله الكون ذاته (او الوجود الذي يحتوي الكون) ! لما حصل إشكال ، فالكون موجود دون شك إذن عندها فقط يكون الله موجودا ! وهذا ما تذهب اليه بعض المذاهب او المدارس التي تعتقد ان الله هو الوجود الكلي الشامل وان كوننا هذا (وربما اكوان اخرى) ماهي إلا جزء من الله اي من الوجود !

بالرغم من اهمية هذه الفكرة ووضوحها وسهولتها وقبل ان تسارع اخي المتدين الى القول : نعم هذا هو المقصود فعلا !
إعلم ان عددا كبيرا من الصفات التي تنسبها الاديان الى الله تسقط هنا ، لانها تصبح متناقضة فيما بينها وحتى لا اطيل عليك ساعرض اهم هذه التناقضات :

في حال كان الكون جزءاً من الوجود الكلي اي الله وبالنظر الي ان الله هو خالق الكون ، يكون الله عندها قد خلق جزءً من ذاته !! اي انه يصبح مخلوقا !! ويكون الله : خالق ومخلوق او خالق يخلق ذاته !! وهو ما يتعارض مع ما تدعيه الاديان السماوية !
إذن إما ان يكون الله هو خالق الوجود لكنه خارج الوجود ! وهذا يعني ببساطة انه لا يكون !
وإما ان يكون هو الوجود بذاته لكن عندها نحصل على إله خالق ومخلوق او إله يخلق ذاته !!
للخروج من هذا المأزق يجب التخلي عن فكرة الخلق والقول ان الله موجود (اي انه) وكفى ! لكن نحن هنا بعيدون كل البعد عن ما تدعيه الاديان ...
انتهى الاستطراد ونعود للمناظرة .


يتابع الشيخ الغزالي ويتطرق في الفقرة الثانية لمبدا السببية عبر مثال القصر والقمر الاصطناعي .... فيقول :


اقتباس
إننى ـ أنا وأنت ـ ننظر إلى قصر قائم، فأرى بعد نظرة خبيرة أن مهندساً أقامه، وترى أنت أن خشبة وحديدة وحجرة وطلاءة قد انتظمت فى مواضعها وتهيأت لساكنيها من تلقاء أنفسها ..
الفارق بين نظرتينا إلى الأمور أننى وجدت قمراً صناعياً يدور فى الفضاء، فقلت أنت : " انطلق وحده دونما إشراف أو توجيه " وقلت أنا : بل أطلقه عقل مشرف مدبر .. انتهى الاقتباس


وانا هنا اتوجه للقارىء وأسأله : من اين اتى الشيخ الغزالي "بالنظرة الخبيرة" ومعرفته بان "عقلا مدبرا" اطلق القمر الاصطناعي ؟

هذا السؤال مهم جدا لان المتدين غالبا ما يقع في تسرعه لاثبات وجود إلهه في حبائل مبدا السببية هذا . كيف عرف الشيخ باطلاق الاقمار الاصطناعية لولا انه درسها او قرأ عنها من قبل ؟ هذا طبعا مستحيل وإلا لوُلِد الطفل عالما !

لو سألتك عزيزي : ماذا تعرف عن الشكجان ؟؟
اغلب الظن انك ستجيب : الشكجان ؟؟ ماذا تعني ؟؟ انا لم اسمع بهذه الكلمة من قبل !
وهنا سأسالك : - إذن قل لي من اين اتى الشكجان او من صنعه ؟؟
هل ترى ما اعني ؟

من السهل جدا ان يقول احدهم : الساعة تدل على الساعاتي ، والبعرة على البعير وغيره ...لانه يعلم مسبقا عن ما يتحدث ومعرفته لهذه الاشياء حصلت في ماضيه قبل وقوعه الحالي عليها ها هنا ...
اما عندما نتحدث عن الكون ! كيف لنا ان نعرف "صانعه" ونحن لا نعرف ما هو ؟ الكون في مثالنا هو هذا "الشكجان" المجهول الذي نبحث عن معرفته قبل ان نجيب او حتى نستطيع الاجابة على السؤال من اي اتى او كيف او هل له صانع ...الخ !
قولك ان "البردعون" هو الذي صنع الشكجان ! لا يزيد معرفتي ولا يحل مشكلتي في شيء بل انت تزيد مشاكلي وهمومي لاني لا اعرف ماذا تعني ولا دليل لديك على وجود البردعون او اي معلومات دقيقة عنه !

الاستعمال الكثير والقديم لكلمة الله لا يعني ان معناها قد اصبح واضحا وانها تدل على وجود فعلي .

ينتقل الشيخ الغزالي بعد فاصل انشائي طويل ليس فيه حقا ما يستحق ان نتوقف عنده ، خاصة وان تعابير مثل "تقليد غبي" و "دعاوى فارغة" و "الوحي الخاتم" و "كفار" و "جهل" و "إلحادكم يرجع إلى مشكلات نفسية واجتماعية" ...الخ ليست هي ما دفعني للتعقيب على المناظرة ... قلنا ينتقل إذن الى عرض فكرة "العدالة الالهية" فيقول عن المآسي الانسانية :


اقتباس
إن هذه الآلام قسمان : قسم من قدر الله فى هذه الدنيا، لا تقوم الحياة إلا به، ولا تنضج رسالة الإنسان إلا فى حره ........... أما القسم الثانى من الشرور التى تشكو منها يا صاحبى فمحوره خطؤك أنت وأشباهك من المنحرفين .. انتهى الاقتباس


والقصد واضح طبعا . فالزلازل والبراكين والاعاصير والفيضانات والاوبئة والامراض الفتاكة ...الخ جزء من عدالة الله لا تقوم الدنيا بدونها وجزء آخر مثل الحروب والفساد والرشوة والقتل والزنى ...الخ هذه من عمل الانسان الذي لا يطيع شريعة الله التي حسب قول الشيخ ، فيها حلا لهذه المشاكل ....

وهذا تفكير بسيط وسطحي جدا يهدف الى إيجاد شيء اسمه "عدالة إلهية" ! وهو يؤدي بصاحبه الى طريق مسدود وغير مقنع وذلك للاسباب التالية :
- واضح ان الشيخ يحاول تفسير وتعليل الكوارث الطبيعية من وجهة نظر دينية لانها تتناقض مع مفهوم الاله العادل وهو لم ينجح بهذا التعليل ! ما معنى ان نقول ان الله يمتحن الناس بارسال كوارث طبيعية عليهم بالنسبة لضحاياها انفسهم !! فهؤلاء ماتوا ولا معنى للامتحان والعسر بالنسبة اليهم !

- الشيخ يتحدث عن العدالة الالهية المفترضة كماهي اي حيث تعاني من مشاكل وثغرات فظيعة وكان احرى به ان يحدثنا عن العدالة الالهية كما يجب ان تكون من إله ؟ أوليس الله قادرا على كل شيء ؟ إذن ما معنى ان تجد له الاعذار لتقنعنا ان ما يحدث هو جزء من عدالة !! بل نحن نرى هنا دليلا على ان هذا الاله عاجز قاصر لايملك زمام الامور ... إله غائب او غير موجود !

- والشيخ يناقض نفسه مرة اخرى بافتراضه ان الجزء الاول للعدالة هو من الله والجزء الثاني من الانسان !!! ما هذا التحليل ؟ ولماذا لا يكون الجزء الثاني من الله ايضا ؟ طالما ان الاول منه ! وهل خرج الانسان عن ارادة الله بغير مشيئته (اعني مشيئة هذا الاله ذاته) هذا يتناقض إذن مع إدعاء إله مطلق القدرة !

اختم بالتعليق السريع على ذكر الشيخ لحروب الردة وقوله ان هذا ما كان يجب فعله .... الخ


اقتباس
إن الصديق رضى الله عنه جرد جيشاً لقتال مانعى الزكاة، وبهذا المسلك الراشد أقر الحقوق وكبح الأثرة ونفذ الإسلام، فإذا تولى غيره فلم يتأس به فى صنيعه كان الواجب على النقاد أن يلوموا الأقدار التى ملأت الحياة بالبؤس ؟!.. انتهى الاقتباس


هذه الجملة تحتاج لبحث طويل لا مكان له هنا لانه يتطلب العودة لدراسة الاسباب التي دفعت هذه الجماعات "مانعي الزكاة" الى اعتناق الاسلام اصلا والتي ادت بهم الى الارتداد عنه فور وفاة محمد . من جهة اخرى كُتب الكثير عن هذه الحروب واثرها على نشر الدين بحد السيف ... كما وانها كانت اول الحروب بين المسلمين ! (نظريا على الاقل) وهو ما منعه الاسلام صراحةً .
واخيرا ماذا لو خالفنا الشيخ وقلنا بل ان هناك الكثيرون ممن تأسوا بالصديق (حروب الجمل والخوارج ...) ومنهم زيد بن معاوية الذي شن الحروب ايضا على "معارضيه" ومنهم من هم من نسل محمد ذاته وقتل من قتل وشرد من شرد ......!!!

18 تعليق(ات):

إظهار/إخفاء التعليق(ات)

إرسال تعليق

ملاحظة: المواضيع المنشورة لا تمثل بالضرورة رأي ناشرها