لودفيج فويرباخ (1802-1873) فيلسوف ألماني ناقد وباحث في الأديان. حضر بعض محاضرات هيجل في جامعة برلين في عشرينات القرن التاسع عشر، وانتمى في بداية حياته لليسار الهيجلي. وكتابه "جوهر المسيحية" يعد من أشهر مؤلفاته، بل من أشهر المؤلفات في تاريخ الفكر الحديث. نورد فيما يلي مقتطفات من كتابه هادفين تعريف القارئ العربي بأهم أفكار فلاسفة أوروبا المحدثين عن الدين. صحيح أن فويرباخ يتناول موضوعات حساسة وينقد بجرأة وليست لديه أية خطوط حمراء، مما قد يجعل القارئ يشعر بالمفاجأة والاندهاش، إلا أننا أردنا تقديم نموذج لفكر مختلف. عزيزي القارئ أتمنى ألا تتحول المفاجأة لديك إلى غضب ثم إلى اتهامات؛ وإن أردت فاقرأ فويرباخ وكأنه رواية من الخيال العلمي .. أشرف منصور
مقتطفات من كتاب لودفيج فويرباخ: جوهر المسيحية
Ludwig Feuerbach: The Essence of Christianity. Translated by George Eliot (New York: Harper & Brothers, 1957)
• إن الكائن الإلهي ليس سوى الكائن الإنساني، أو بالأحرى، الطبيعة الإنسانية وهي خالصة ومتحررة من كل قيود الإنسان الفرد، مجعولة موضوعية، أي متأمل فيها ومحترمة باعتبارها وجودا منفصلا. الإله هو تأليه الطبيعة الإنسانية (P. 14)
• إن الإنسان، وخاصة الإنسان المتدين، هو بالنسبة لنفسه مقياس لكل الأشياء، لكل الواقع. كل ما يؤثر بقوة على الإنسان، وكل ما أنتج تأثيراً على عقله، إذا كان صوتا مميزا أو غير مفهوم، أو ملاحظة، فهو يشخصها باعتبارها كائنا إلهيا. (P. 22)
• كل صفات الطبيعة الإلهية هي بالتالي صفات الطبيعة الإنسانية (P. 14).
• كي تدرك الإله باعتباره مقدساً ولا تدرك أنك نفسك مقدس؛ كي تدرك البركة ولا تعرف أنك نفسك مصدرها، فهذه هي حالة من الانفصال، التعاسة. الكائنات العليا لا تعرف مثل هذه التعاسة؛ فهي ليس لديها أي تصور عما هي ليست عليه (P. 18)
• الإله كائن موجود وحقيقي (مثلما أن الإنسان كائن موجود وحقيقي)، لأن كيفيات الإله ليست إلا الكيفيات الأساسية للإنسان (P. 19).
• طالما كان الإنسان في حالة الطبيعة الأولى، فإن إلهه هو إله طبيعي – تشخيص لقوة الطبيعة. وعندما يسكن الإنسان بـيوتا، فإنه يُسكِن آلهته في معابد. فالمعبد هو مجرد تعبير عن القيمة التي يضفيها الإنسان على الأبنية الجميلة. إن المعابد المهداة للدين هي في حقيقتها معابد مهداة لفن العمارة (P. 20).
• كان زيوس أقوى الآلهة، لماذا؟ لأن القوة المادية .. كان يُنظر إليها على أنها شئ مقدس، إلهي. وبالنسبة للألمان القدماء فإن الفضائل العليا كانت هي فضائل المحارب؛ ولذلك فإن إلههم الأعلى كان إله حرب، أودين Oden.(P.20)
• ليست صفة القداسة، بل قداسة وألوهية الصفة هي الوجود المقدس الأول..إن فكرة الإله تعتمد على فكرة الخير؛ إن إلها ليس خيرا، ليس حكيما، ليس إلها. حقيقة الأمر أن صفة ما ليست مقدسة لأن الإله يحوز عليها، بل إن الإله يحوز عليها لأنها هي ذاتها مقدسة، ولأن الإله بدونها سوف يكون كائناً ناقصاً (P. 21).
• كي يكون الإله غنياً، يجب أن يكون الإنسان فقيراً؛ وكي يكون الإله هو كل شئ، يجب أن يكون الإنسان لا شئ..ما يخرجه الإنسان من ذاته وينكره على نفسه، يتمتع به في مقياس أعلى وأكمل، في الإله (P. 26).
• إن أفكار الإله هي أفكار إنسانية، دنيوية. فالإله مثله مثل الإنسان، لديه خطط في ذهنه، ويكيف نفسه مع الظروف ومع الأذهان، مثله مثل المعلم مع تلاميذه. إنه يحسب بدقة أثر منحه ووحيه؛ إنه يراقب الإنسان في كل ما يفعل؛ إنه يعرف كل شئ، حتى أكثر الأشياء دنيوية وعمومية وعرضية (P.28).
• الإنسان في علاقته بالإله ينكر معرفته وأفكاره ذاتها كي يضعها في الإله. الإنسان ينكر شخصيته؛ لكن في المقابل فإن الإله القادر اللامتناهي هو الذي يتمتع بأعلى شخصية. الإنسان ينكر على نفسه الكرامة البشرية والأنا البشرية، لكن في المقابل فإن الإله بالنسبة له هو كائن أنوي Egoist، يسعى لذاته فقط، لمجده وحده، لأهدافه وحسب؛ إنه يصور الإله على أنه يهدف إشباع ذاته فقط..إن إلهه هو استمتاع بالأنويةEgoism. الدين إذن ينكر الخير باعتباره صفة للطبيعة الإنسانية؛ فالإنسان شرير وفاسد وغير قادر على فعل الخير من نفسه؛ لكن في المقابل فالإله هو الخير ذاته، الكائن الخِّير. إن طبيعة الإنسان تطلب الخير باعتباره موضوعا مشخصا في الإله (P.28).
• كيف للفاعلية الإلهية أن تعمل فيًّ باعتباري موضوعا لها إذا كنتُ مختلفاً جوهرياً عن الإله؟ كيف لها أن يكون لديها هدف إنساني، وهو مباركة الإنسان، إذا لم تكن ذاتها بشرية؟ ألا يحدد الهدف طبيعة الفعل؟ عندما يجعل الإنسان تحسنه الأخلاقي هدفاً لنفسه، فهو يكون متسقاً مع نفسه، لكن عندما يسعى الإله للتحسن الأخلاقي للإنسان فهو بذلك يكون لديه أهداف إنسانية ونمط إنساني في الفعل يناسب هذه الأهداف. وهكذا ففي الإله يجد الإنسان فاعليته ذاتها باعتبارها موضوعاً. لكن لأنه يستقبل فاعليته ذاتها باعتبارها موضوعية، والخير نفسه باعتباره موضوعا، فهو بالضرورة يستقبل الدافع لا من ذاته بل من هذا الموضوع. إنه يتصور طبيعته على أنها خارجة عنه (P.30).
• الدين هو انفصال الإنسان عن نفسه؛ إنه يضع الإله إزاءه باعتباره نقيضه. الإله هو كل ما ليس عليه الإنسان، والإنسان هو كل ما ليس عليه الإله. الإله لا متناه، الإنسان متناه.. الإله كامل، الإنسان ناقص.. الإله خالد، الإنسان فان..الإله مطلق القدرة، الإنسان ضعيف.. الإله مقدس، الإنسان مدنس. الإله والإنسان نقيضان: الإله هو الموجود بإطلاق، مجموع كل الواقعيات Realities؛ الإنسان هو السالب بإطلاق Absolute Negation، مجموع كل ما هو سلبي Negative. لكن في الدين يتأمل الإنسان في طبيعته الكامنة ذاتها. ولذلك يجب توضيح أن هذا التناقض، هذا التمييز بين الإله والإنسان، والذي يبدأ به الدين، هو تمييز داخل الإنسان بينه وبين طبيعته (P.33).
• لأن الإنسان متناه فهو يتصور إلهاً لامتناهياً، ولأنه ناقص فهو يتصور إلهاً كاملاً، ولأنه ينظر إلى نفسه على أنه خطَّاء وشرير فهو يتصور إلهاً خيِّراً، ولأنه ينظر إلى نفسه على أنه مجموع كل ما هو سلبي فهو يتصور الإله على أنه مجموع كل ما هو إيجابي، باعتباره مصدر كل خير وكل قداسة وكل بركة. الإله ليس سوى النقيض لكل ما يشعر به الإنسان من تناه ونقص وضعف وشر. ولذلك فالدين يعبر عن اغتراب وانفصال الإنسان عن ذاته وطبيعته وعن إمكانية تحقيقه للخير والكمال بنفسه. عندما يلحق الإنسان القوة والعلم والكمال والخير بإله مفارق، فهذا يعني أنه عاجز عن تحقيق هذه الأشياء بنفسه، ويصعدها إلى أعلى، ويجعل منها صفات لإله يعبده، ويستمد منه البركة (P.33-34).
• في الدين يسعى الإنسان نحو الرضا *******ment؛ فالدين هو خيره الأسمى. لكن كيف يجد الإنسان في الإله العزاء والسلام إذا كان الإله كائناً مختلفاً عنه جوهرياً؟ كيف لي أن أشارك في سلام كائن إذا لم أكن أنا من نفس طبيعته؟ إذا كانت طبيعته مختلفة عن طبيعتي، فإن سلامه سوف يكون مختلفا جوهرياً عن سلامي، إنه لن يكون سلاماً بالنسبة لي. كيف لي أن أكون مشاركاً في سلامه إذا لم أكن مشاركاً في طبيعته؟ وكيف لي أن أكون مشاركاً لطبيعته إذا كنتُ من طبيعة مختلفة عنه؟ إن كل كائن يَخبُر السلام فقط في عنصره، فقط في شروط طبيعته. ولذلك فعندما يشعر الإنسان بسلام مع الإله، فإنه يشعر به فقط لأنه في الإله يحصل الإنسان على طبيعته الحقيقية، لأنه مع الإله يكون لأول مرة مع نفسه، وعندما تكون مع الإله فأنت في الحقيقة لا تكون إلا مع نفسك، مع طبيعتك البشرية (P.47).
• إذا كان الإنسان ينظر إلى الإله على أنه مُشرِّع أخلاقي Moral Legislator، فذلك لأن الأخلاق ذاتها هدف سام مقدس، لكن لأن وعي الإنسان المتدين مغترب فهو يتصور الإله على أنه كائن أخلاقي Moral being، في حين أن الإنسان نفسه هو هذا الكائن الأخلاقي (P.48).
• عندما أصلي فإنني أُدخل الإله نفسه طرفاً في انفعالاتي ومشاعري وآلامي وشقائي. كيف لي أن أتوجه بمشاعر بشرية نحو إله لا يحوز على نفس هذه المشاعر البشرية؟ إنني أتضرع للإله طلباً للمغفرة والتخلص من شقائي، وأنا بذلك أفترض أن هذا الإله سوف يحنّ عليَّ، أي سوف يتأثر بما أنا عليه من شقاء ويغفر لي؛ إنه الحنَّان المنَّان، إنه بذلك يحوز على نفس المشاعر والعواطف البشرية. أدعو الله طلباً لرحمته، لكن الرحمة ذاتها صفة إنسانية، ألحقها بإله رحيم. أدعو الله ليعطف عليَّ، لكن العطف شعور بشري محض؛ أنا أتصور الإله باعتباره عطوفاً، أي أتصوره باعتباره إنساناً مثلي تماماً، لكن إنساناً أعلى وأكمل، الإنسان بمعنى الكلمة.
• إن الإله باعتباره كائناً فائقاُ للطبيعة ليس سوى طبيعة الإنسان منفصلة عن العالم ومُركَّزة في ذاتها، متحررة من كل الصلات الدنيوية، ناقلة ذاتها فوق العالم، وواضعة ذاتها في هذا الوضع باعتبارها كياناً واقعياً موضوعياً؛ أو أنها ليست سوى الوعي بالقدرة على التجرد من كل ما هو خارجي، وعلى العيش بذاتها ولذاتها وحدها، في الشكل الذي تتخذه هذه القدرة في الدين، أي في كائن منفصل عن الإنسان. (P.66).
• كلما كانت الحياة خاوية، كلما كان الإله ممتلئاً وعينياً. إن إفقار العالم الحقيقي وإغناء الإله هو نفس الفعل. الإنسان الفقير وحده هو الذي يحوز على إله غني. الإله ينشأ من الشعور بالحرمان؛ كل ما يحتاجه الإنسان، سواء كان هذا الاحتياج واعياً أو غير واع، فهذا هو الإله. وبالتالي فإن الشعور البائس بالفراغ والوحدة يحتاج إلهاً به يجتمع، وحدة من الكائنات المحبة لبعضها. (P.73).
• إن الإله، طالما يفكر في ذاته ويعرف ذاته، فهو يفكر ويعرف في نفس الوقت العالم وكل أشيائه. إن طبيعة الإله ليست سوى فكر الطبيعة المجرد للعالم؛ وطبيعة العالم ليست سوى الطبيعة الواقعية والعينية والمحسوسة للإله. (P.85).
• كان الإلحاد ولا يزال مفترضاً فيه أنه نفي لكل مبدأ أخلاقي، ولكل الأسس والروابط الأخلاقية: فإذا لم يكن الإله موجوداً، فإن كل تمييز بين الخير والشر، الفضيلة والرذيلة، يصبح لاغياً. ولذلك فإن هذا التمييز يكمن فقط في وجود الإله؛ فواقعية الفضيلة لا تكمن في ذاتها بل خارجاً عنها. وبالتأكيد فإن ارتباط الفضيلة بالإله لا ينبع من ارتباط بها هي ذاتها أو بيقين قيمتها الذاتية. بل على العكس، فإن الاعتقاد في أن الإله هو الشرط الضروري للفضيلة هو الاعتقاد في عدمية الفضيلة في ذاتها. (P.202).
• الإله هو الوسيط/الوسط الذي يصنع به الإنسان وفاقاً بينه وبين طبيعته: الإله هو الرابطة الجوهرية بين الطبيعة الجوهرية للجنس البشري والفرد.
• كلما كانت رؤية الإنسان محدودة، وكلما جهل بالتاريخ والطبيعة والفلسفة، كلما ارتبط أكثر بدينه. ولهذا السبب فإن الإنسان المتدين لا يشعر بحاجة إلى الثقافة. لماذا لم يكن لدى اليهود فناً أو علماً، مثلما كان لدى اليونان؟ لأنهم لم يشعروا بأي حاجة لهذه الأشياء. فبالنسبة إليهم فإن هذه الحاجة كان يشبعها إلههم يهوة. في الإله كلي العلم يرفع الإنسان نفسه خارج حدود معرفته؛ وفي الإله كلي الحضور، يرفع نفسه خارج حدود نقطة ارتكازه المحلية؛ وفي الإله الخالد يرفع نفسه خارج حدود زمانه. إن الإنسان المتدين سعيد في مخيلته، فلديه كل شئ ضمنيا، وكل ممتلكاته محمولة، في خياله. الإله يصحبه أينما ذهب: أنا لا أحتاج الخروج عن ذاتي، فأنا أمتلك في إلهي مجموع كل الثروات والأشياء القيمة، وكل ما يستحق المعرفة والتذكر. لكن الثقافة تعتمد على الأشياء الخارجية؛ ولديها احتياجات كثيرة ومختلفة، لأنها تتغلب على حدود الوعي والحياة الحسية بالنشاط الواقعي، لا بالقوة السحرية للمخيلة الدينية. ولذلك فالدين..لا يمتلك في جوهره مبدأ للثقافة، ذلك لأنه ينتصر على حدود وصعوبات الحياة الدنيوية من خلال المخيلة وحسب، الإله وحسب، في السماء وحسب. الإله هو كل ما يحتاجه القلب ويرغب فيه، إنه مجموع كل الأشياء الخيرة، كل البركة والنعمة. "ألا ترغب في الحب والإخلاص والحقيقة والعزاء والبركة والتسديد والتوفيق؟ هذه الأشياء كلها في الإله، إنه يمتلكها بغير حدود. ألا ترغب في الجمال؟ إنه الجمال الأعلى. إلا ترغب في القوة؟ إنه هو القوي المتين، القادر"..لكن كيف لمن لديه كل شئ في الإله، الذي يستمتع بالنعمة السماوية في الخيال، أن يخبر تلك الحاجة، وذلك الشعور بالفقر والحرمان، الذي هو الدافع نحو كل ثقافة؟ إن الثقافة ليس لديها أي هدف سوى تحقيق الجنة على الأرض، لكن الجنة الدينية لا تتحقق إلا في السماء، سماء الخيال. (P.216-217).
• الإله يغضب من الإنسان العاصي، ويسعد بالتائب. الإنسان هو الموحى به في الإله؛ في الإنسان يتحقق الجوهر الإلهي. في خلق الطبيعة يخرج الإله عن نفسه، وتكون لديه علاقة مع ما هو مختلف عنه، لكن في الإنسان يعود الإله إلى ذاته: الإنسان يعرف الإله، لأنه من خلاله يجد الإله ذاته، ويشعر بذاته. حيثما لا توجد حاجة لا يوجد شعور، والشعور وحده هو المعرفة الحقيقية. من الذي يمكن أن يعرف الرحمة دون أن يكون قد شعر بالحاجة إليها؟ من الذي يعرف العدالة دون أن يشعر بالظلم؟ والسعادة دون أن يعرف الشقاء؟ يجب أن تشعر بالشئ أولا قبل أن تتعلم معرفته. في الإنسان تصبح الصفات الإلهية مشاعر: الإنسان هو الإحساس الذاتي للإله-والإحساس بالإله هو الإله الحقيقي..إذا كانت خبرة الشقاء البشري خارج الإله..فإن الرحمة لن تكون في الإله، سوف يكون أمامنا بدلا من ذلك كائنا مفتقدا للصفات، أو بالأصح سوف يكون أمامنا العدم، الذي هو في حقيقته الإله بدون الإنسان. مثلما أن الشعور بالشقاء البشري هو شعور بشري، فإن الشعور بالرحمة الإلهية هو شعور بشري أيضا.. إن الإله لا يكون إلها على الحقيقة إلا في داخل الذات الإنسانية. (P.228-229).
• الإنسان هو صوت الإله، الذي ينقل الصفات الإلهية إلى كلمات باعتبارها مشاعر. الإله يريد أن يُعبد ويُحمد ويُشكر، لماذا؟ لأن مشاعر الإنسان هي الوعي الذاتي للإله. الإله لا يشعر بذاته إلا في الإنسان، ومن خلال شعور الإنسان بالإله يتحقق الإله. (P.230).
• طالما يضع الدين نفسه في مواجهة العقل، فإنه يضع نفسه نقيضا للحس الأخلاقي، لأن الحس الأخلاقي الحقيقي قائم على العقل. ففي الحس بالحقيقة وحده يتواجد الحس بالصدق والخير. إن إفقار العقل هو في نفس الوقت إفقار للقلب. إن ذلك الذي يخدع عقله ليس لديه قلب فاضل وكريم. إن من لا يحترم عقلي لا يستحق إحترامي.(P.246).
• الإله هو الكائن الإنساني، لكنه يقدم نفسه للوعي الديني باعتباره كائنا منفصلا. إن الذي يكشف عن الأساس والماهية الخفية للدين هو الحب، وذلك الذي يشكل شكله الواعي هو الإيمان. الحب يوحد الإنسان بالإله، لكن الإيمان يفصل بينهما، وبالتالي فهو يفصل الإنسان عن الإنسان، ذلك لأن الإله ليس سوى فكرة الجنس البشري في شكل أسطوري..بالإيمان يضع الدين نفسه في مواجهة الأخلاق، والعقل، والحس الطبيعي بالحقيقة لدى الإنسان..الإيمان يعزل الإله، يجعله كائنا خاصا منفصلا. (P.247).
• المؤمنون أرستقراطيون، والذين لا يؤمنون عامة. والإله هو هذا التمييز وهذه الأفضلية للمؤمنين على غير المؤمنين مشخصاً. ولأن الإيمان يقدم للإنسان طبيعته باعتبارها طبيعة كائن آخر، فإن المؤمن لا يدرك كرامته مباشرة في ذاته، بل في هذا الإله المشخص المنفصل المفترض. إن وعيه بأفضليته يقدم نفسه على أنه وعي بهذا الإله المشخص..وكما يشعر الخادم بكرامته من كرامة سيده، ويتخيل نفسه أعظم من الإنسان الحر المستقل..فكذلك الحال مع المؤمن..إن هذا الإله المشخص هو ببساطة ذاته الخفية، رغبته المشخصة بسعادته. (P. 250)
لودفيج فويرباخ : جوهر المسيحية
ترجمة: د. أشرف منصور
المصدر في الحوار المتمدن
مقتطفات من كتاب لودفيج فويرباخ: جوهر المسيحية
Ludwig Feuerbach: The Essence of Christianity. Translated by George Eliot (New York: Harper & Brothers, 1957)
• إن الكائن الإلهي ليس سوى الكائن الإنساني، أو بالأحرى، الطبيعة الإنسانية وهي خالصة ومتحررة من كل قيود الإنسان الفرد، مجعولة موضوعية، أي متأمل فيها ومحترمة باعتبارها وجودا منفصلا. الإله هو تأليه الطبيعة الإنسانية (P. 14)
• إن الإنسان، وخاصة الإنسان المتدين، هو بالنسبة لنفسه مقياس لكل الأشياء، لكل الواقع. كل ما يؤثر بقوة على الإنسان، وكل ما أنتج تأثيراً على عقله، إذا كان صوتا مميزا أو غير مفهوم، أو ملاحظة، فهو يشخصها باعتبارها كائنا إلهيا. (P. 22)
• كل صفات الطبيعة الإلهية هي بالتالي صفات الطبيعة الإنسانية (P. 14).
• كي تدرك الإله باعتباره مقدساً ولا تدرك أنك نفسك مقدس؛ كي تدرك البركة ولا تعرف أنك نفسك مصدرها، فهذه هي حالة من الانفصال، التعاسة. الكائنات العليا لا تعرف مثل هذه التعاسة؛ فهي ليس لديها أي تصور عما هي ليست عليه (P. 18)
• الإله كائن موجود وحقيقي (مثلما أن الإنسان كائن موجود وحقيقي)، لأن كيفيات الإله ليست إلا الكيفيات الأساسية للإنسان (P. 19).
• طالما كان الإنسان في حالة الطبيعة الأولى، فإن إلهه هو إله طبيعي – تشخيص لقوة الطبيعة. وعندما يسكن الإنسان بـيوتا، فإنه يُسكِن آلهته في معابد. فالمعبد هو مجرد تعبير عن القيمة التي يضفيها الإنسان على الأبنية الجميلة. إن المعابد المهداة للدين هي في حقيقتها معابد مهداة لفن العمارة (P. 20).
• كان زيوس أقوى الآلهة، لماذا؟ لأن القوة المادية .. كان يُنظر إليها على أنها شئ مقدس، إلهي. وبالنسبة للألمان القدماء فإن الفضائل العليا كانت هي فضائل المحارب؛ ولذلك فإن إلههم الأعلى كان إله حرب، أودين Oden.(P.20)
• ليست صفة القداسة، بل قداسة وألوهية الصفة هي الوجود المقدس الأول..إن فكرة الإله تعتمد على فكرة الخير؛ إن إلها ليس خيرا، ليس حكيما، ليس إلها. حقيقة الأمر أن صفة ما ليست مقدسة لأن الإله يحوز عليها، بل إن الإله يحوز عليها لأنها هي ذاتها مقدسة، ولأن الإله بدونها سوف يكون كائناً ناقصاً (P. 21).
• كي يكون الإله غنياً، يجب أن يكون الإنسان فقيراً؛ وكي يكون الإله هو كل شئ، يجب أن يكون الإنسان لا شئ..ما يخرجه الإنسان من ذاته وينكره على نفسه، يتمتع به في مقياس أعلى وأكمل، في الإله (P. 26).
• إن أفكار الإله هي أفكار إنسانية، دنيوية. فالإله مثله مثل الإنسان، لديه خطط في ذهنه، ويكيف نفسه مع الظروف ومع الأذهان، مثله مثل المعلم مع تلاميذه. إنه يحسب بدقة أثر منحه ووحيه؛ إنه يراقب الإنسان في كل ما يفعل؛ إنه يعرف كل شئ، حتى أكثر الأشياء دنيوية وعمومية وعرضية (P.28).
• الإنسان في علاقته بالإله ينكر معرفته وأفكاره ذاتها كي يضعها في الإله. الإنسان ينكر شخصيته؛ لكن في المقابل فإن الإله القادر اللامتناهي هو الذي يتمتع بأعلى شخصية. الإنسان ينكر على نفسه الكرامة البشرية والأنا البشرية، لكن في المقابل فإن الإله بالنسبة له هو كائن أنوي Egoist، يسعى لذاته فقط، لمجده وحده، لأهدافه وحسب؛ إنه يصور الإله على أنه يهدف إشباع ذاته فقط..إن إلهه هو استمتاع بالأنويةEgoism. الدين إذن ينكر الخير باعتباره صفة للطبيعة الإنسانية؛ فالإنسان شرير وفاسد وغير قادر على فعل الخير من نفسه؛ لكن في المقابل فالإله هو الخير ذاته، الكائن الخِّير. إن طبيعة الإنسان تطلب الخير باعتباره موضوعا مشخصا في الإله (P.28).
• كيف للفاعلية الإلهية أن تعمل فيًّ باعتباري موضوعا لها إذا كنتُ مختلفاً جوهرياً عن الإله؟ كيف لها أن يكون لديها هدف إنساني، وهو مباركة الإنسان، إذا لم تكن ذاتها بشرية؟ ألا يحدد الهدف طبيعة الفعل؟ عندما يجعل الإنسان تحسنه الأخلاقي هدفاً لنفسه، فهو يكون متسقاً مع نفسه، لكن عندما يسعى الإله للتحسن الأخلاقي للإنسان فهو بذلك يكون لديه أهداف إنسانية ونمط إنساني في الفعل يناسب هذه الأهداف. وهكذا ففي الإله يجد الإنسان فاعليته ذاتها باعتبارها موضوعاً. لكن لأنه يستقبل فاعليته ذاتها باعتبارها موضوعية، والخير نفسه باعتباره موضوعا، فهو بالضرورة يستقبل الدافع لا من ذاته بل من هذا الموضوع. إنه يتصور طبيعته على أنها خارجة عنه (P.30).
• الدين هو انفصال الإنسان عن نفسه؛ إنه يضع الإله إزاءه باعتباره نقيضه. الإله هو كل ما ليس عليه الإنسان، والإنسان هو كل ما ليس عليه الإله. الإله لا متناه، الإنسان متناه.. الإله كامل، الإنسان ناقص.. الإله خالد، الإنسان فان..الإله مطلق القدرة، الإنسان ضعيف.. الإله مقدس، الإنسان مدنس. الإله والإنسان نقيضان: الإله هو الموجود بإطلاق، مجموع كل الواقعيات Realities؛ الإنسان هو السالب بإطلاق Absolute Negation، مجموع كل ما هو سلبي Negative. لكن في الدين يتأمل الإنسان في طبيعته الكامنة ذاتها. ولذلك يجب توضيح أن هذا التناقض، هذا التمييز بين الإله والإنسان، والذي يبدأ به الدين، هو تمييز داخل الإنسان بينه وبين طبيعته (P.33).
• لأن الإنسان متناه فهو يتصور إلهاً لامتناهياً، ولأنه ناقص فهو يتصور إلهاً كاملاً، ولأنه ينظر إلى نفسه على أنه خطَّاء وشرير فهو يتصور إلهاً خيِّراً، ولأنه ينظر إلى نفسه على أنه مجموع كل ما هو سلبي فهو يتصور الإله على أنه مجموع كل ما هو إيجابي، باعتباره مصدر كل خير وكل قداسة وكل بركة. الإله ليس سوى النقيض لكل ما يشعر به الإنسان من تناه ونقص وضعف وشر. ولذلك فالدين يعبر عن اغتراب وانفصال الإنسان عن ذاته وطبيعته وعن إمكانية تحقيقه للخير والكمال بنفسه. عندما يلحق الإنسان القوة والعلم والكمال والخير بإله مفارق، فهذا يعني أنه عاجز عن تحقيق هذه الأشياء بنفسه، ويصعدها إلى أعلى، ويجعل منها صفات لإله يعبده، ويستمد منه البركة (P.33-34).
• في الدين يسعى الإنسان نحو الرضا *******ment؛ فالدين هو خيره الأسمى. لكن كيف يجد الإنسان في الإله العزاء والسلام إذا كان الإله كائناً مختلفاً عنه جوهرياً؟ كيف لي أن أشارك في سلام كائن إذا لم أكن أنا من نفس طبيعته؟ إذا كانت طبيعته مختلفة عن طبيعتي، فإن سلامه سوف يكون مختلفا جوهرياً عن سلامي، إنه لن يكون سلاماً بالنسبة لي. كيف لي أن أكون مشاركاً في سلامه إذا لم أكن مشاركاً في طبيعته؟ وكيف لي أن أكون مشاركاً لطبيعته إذا كنتُ من طبيعة مختلفة عنه؟ إن كل كائن يَخبُر السلام فقط في عنصره، فقط في شروط طبيعته. ولذلك فعندما يشعر الإنسان بسلام مع الإله، فإنه يشعر به فقط لأنه في الإله يحصل الإنسان على طبيعته الحقيقية، لأنه مع الإله يكون لأول مرة مع نفسه، وعندما تكون مع الإله فأنت في الحقيقة لا تكون إلا مع نفسك، مع طبيعتك البشرية (P.47).
• إذا كان الإنسان ينظر إلى الإله على أنه مُشرِّع أخلاقي Moral Legislator، فذلك لأن الأخلاق ذاتها هدف سام مقدس، لكن لأن وعي الإنسان المتدين مغترب فهو يتصور الإله على أنه كائن أخلاقي Moral being، في حين أن الإنسان نفسه هو هذا الكائن الأخلاقي (P.48).
• عندما أصلي فإنني أُدخل الإله نفسه طرفاً في انفعالاتي ومشاعري وآلامي وشقائي. كيف لي أن أتوجه بمشاعر بشرية نحو إله لا يحوز على نفس هذه المشاعر البشرية؟ إنني أتضرع للإله طلباً للمغفرة والتخلص من شقائي، وأنا بذلك أفترض أن هذا الإله سوف يحنّ عليَّ، أي سوف يتأثر بما أنا عليه من شقاء ويغفر لي؛ إنه الحنَّان المنَّان، إنه بذلك يحوز على نفس المشاعر والعواطف البشرية. أدعو الله طلباً لرحمته، لكن الرحمة ذاتها صفة إنسانية، ألحقها بإله رحيم. أدعو الله ليعطف عليَّ، لكن العطف شعور بشري محض؛ أنا أتصور الإله باعتباره عطوفاً، أي أتصوره باعتباره إنساناً مثلي تماماً، لكن إنساناً أعلى وأكمل، الإنسان بمعنى الكلمة.
• إن الإله باعتباره كائناً فائقاُ للطبيعة ليس سوى طبيعة الإنسان منفصلة عن العالم ومُركَّزة في ذاتها، متحررة من كل الصلات الدنيوية، ناقلة ذاتها فوق العالم، وواضعة ذاتها في هذا الوضع باعتبارها كياناً واقعياً موضوعياً؛ أو أنها ليست سوى الوعي بالقدرة على التجرد من كل ما هو خارجي، وعلى العيش بذاتها ولذاتها وحدها، في الشكل الذي تتخذه هذه القدرة في الدين، أي في كائن منفصل عن الإنسان. (P.66).
• كلما كانت الحياة خاوية، كلما كان الإله ممتلئاً وعينياً. إن إفقار العالم الحقيقي وإغناء الإله هو نفس الفعل. الإنسان الفقير وحده هو الذي يحوز على إله غني. الإله ينشأ من الشعور بالحرمان؛ كل ما يحتاجه الإنسان، سواء كان هذا الاحتياج واعياً أو غير واع، فهذا هو الإله. وبالتالي فإن الشعور البائس بالفراغ والوحدة يحتاج إلهاً به يجتمع، وحدة من الكائنات المحبة لبعضها. (P.73).
• إن الإله، طالما يفكر في ذاته ويعرف ذاته، فهو يفكر ويعرف في نفس الوقت العالم وكل أشيائه. إن طبيعة الإله ليست سوى فكر الطبيعة المجرد للعالم؛ وطبيعة العالم ليست سوى الطبيعة الواقعية والعينية والمحسوسة للإله. (P.85).
• كان الإلحاد ولا يزال مفترضاً فيه أنه نفي لكل مبدأ أخلاقي، ولكل الأسس والروابط الأخلاقية: فإذا لم يكن الإله موجوداً، فإن كل تمييز بين الخير والشر، الفضيلة والرذيلة، يصبح لاغياً. ولذلك فإن هذا التمييز يكمن فقط في وجود الإله؛ فواقعية الفضيلة لا تكمن في ذاتها بل خارجاً عنها. وبالتأكيد فإن ارتباط الفضيلة بالإله لا ينبع من ارتباط بها هي ذاتها أو بيقين قيمتها الذاتية. بل على العكس، فإن الاعتقاد في أن الإله هو الشرط الضروري للفضيلة هو الاعتقاد في عدمية الفضيلة في ذاتها. (P.202).
• الإله هو الوسيط/الوسط الذي يصنع به الإنسان وفاقاً بينه وبين طبيعته: الإله هو الرابطة الجوهرية بين الطبيعة الجوهرية للجنس البشري والفرد.
• كلما كانت رؤية الإنسان محدودة، وكلما جهل بالتاريخ والطبيعة والفلسفة، كلما ارتبط أكثر بدينه. ولهذا السبب فإن الإنسان المتدين لا يشعر بحاجة إلى الثقافة. لماذا لم يكن لدى اليهود فناً أو علماً، مثلما كان لدى اليونان؟ لأنهم لم يشعروا بأي حاجة لهذه الأشياء. فبالنسبة إليهم فإن هذه الحاجة كان يشبعها إلههم يهوة. في الإله كلي العلم يرفع الإنسان نفسه خارج حدود معرفته؛ وفي الإله كلي الحضور، يرفع نفسه خارج حدود نقطة ارتكازه المحلية؛ وفي الإله الخالد يرفع نفسه خارج حدود زمانه. إن الإنسان المتدين سعيد في مخيلته، فلديه كل شئ ضمنيا، وكل ممتلكاته محمولة، في خياله. الإله يصحبه أينما ذهب: أنا لا أحتاج الخروج عن ذاتي، فأنا أمتلك في إلهي مجموع كل الثروات والأشياء القيمة، وكل ما يستحق المعرفة والتذكر. لكن الثقافة تعتمد على الأشياء الخارجية؛ ولديها احتياجات كثيرة ومختلفة، لأنها تتغلب على حدود الوعي والحياة الحسية بالنشاط الواقعي، لا بالقوة السحرية للمخيلة الدينية. ولذلك فالدين..لا يمتلك في جوهره مبدأ للثقافة، ذلك لأنه ينتصر على حدود وصعوبات الحياة الدنيوية من خلال المخيلة وحسب، الإله وحسب، في السماء وحسب. الإله هو كل ما يحتاجه القلب ويرغب فيه، إنه مجموع كل الأشياء الخيرة، كل البركة والنعمة. "ألا ترغب في الحب والإخلاص والحقيقة والعزاء والبركة والتسديد والتوفيق؟ هذه الأشياء كلها في الإله، إنه يمتلكها بغير حدود. ألا ترغب في الجمال؟ إنه الجمال الأعلى. إلا ترغب في القوة؟ إنه هو القوي المتين، القادر"..لكن كيف لمن لديه كل شئ في الإله، الذي يستمتع بالنعمة السماوية في الخيال، أن يخبر تلك الحاجة، وذلك الشعور بالفقر والحرمان، الذي هو الدافع نحو كل ثقافة؟ إن الثقافة ليس لديها أي هدف سوى تحقيق الجنة على الأرض، لكن الجنة الدينية لا تتحقق إلا في السماء، سماء الخيال. (P.216-217).
• الإله يغضب من الإنسان العاصي، ويسعد بالتائب. الإنسان هو الموحى به في الإله؛ في الإنسان يتحقق الجوهر الإلهي. في خلق الطبيعة يخرج الإله عن نفسه، وتكون لديه علاقة مع ما هو مختلف عنه، لكن في الإنسان يعود الإله إلى ذاته: الإنسان يعرف الإله، لأنه من خلاله يجد الإله ذاته، ويشعر بذاته. حيثما لا توجد حاجة لا يوجد شعور، والشعور وحده هو المعرفة الحقيقية. من الذي يمكن أن يعرف الرحمة دون أن يكون قد شعر بالحاجة إليها؟ من الذي يعرف العدالة دون أن يشعر بالظلم؟ والسعادة دون أن يعرف الشقاء؟ يجب أن تشعر بالشئ أولا قبل أن تتعلم معرفته. في الإنسان تصبح الصفات الإلهية مشاعر: الإنسان هو الإحساس الذاتي للإله-والإحساس بالإله هو الإله الحقيقي..إذا كانت خبرة الشقاء البشري خارج الإله..فإن الرحمة لن تكون في الإله، سوف يكون أمامنا بدلا من ذلك كائنا مفتقدا للصفات، أو بالأصح سوف يكون أمامنا العدم، الذي هو في حقيقته الإله بدون الإنسان. مثلما أن الشعور بالشقاء البشري هو شعور بشري، فإن الشعور بالرحمة الإلهية هو شعور بشري أيضا.. إن الإله لا يكون إلها على الحقيقة إلا في داخل الذات الإنسانية. (P.228-229).
• الإنسان هو صوت الإله، الذي ينقل الصفات الإلهية إلى كلمات باعتبارها مشاعر. الإله يريد أن يُعبد ويُحمد ويُشكر، لماذا؟ لأن مشاعر الإنسان هي الوعي الذاتي للإله. الإله لا يشعر بذاته إلا في الإنسان، ومن خلال شعور الإنسان بالإله يتحقق الإله. (P.230).
• طالما يضع الدين نفسه في مواجهة العقل، فإنه يضع نفسه نقيضا للحس الأخلاقي، لأن الحس الأخلاقي الحقيقي قائم على العقل. ففي الحس بالحقيقة وحده يتواجد الحس بالصدق والخير. إن إفقار العقل هو في نفس الوقت إفقار للقلب. إن ذلك الذي يخدع عقله ليس لديه قلب فاضل وكريم. إن من لا يحترم عقلي لا يستحق إحترامي.(P.246).
• الإله هو الكائن الإنساني، لكنه يقدم نفسه للوعي الديني باعتباره كائنا منفصلا. إن الذي يكشف عن الأساس والماهية الخفية للدين هو الحب، وذلك الذي يشكل شكله الواعي هو الإيمان. الحب يوحد الإنسان بالإله، لكن الإيمان يفصل بينهما، وبالتالي فهو يفصل الإنسان عن الإنسان، ذلك لأن الإله ليس سوى فكرة الجنس البشري في شكل أسطوري..بالإيمان يضع الدين نفسه في مواجهة الأخلاق، والعقل، والحس الطبيعي بالحقيقة لدى الإنسان..الإيمان يعزل الإله، يجعله كائنا خاصا منفصلا. (P.247).
• المؤمنون أرستقراطيون، والذين لا يؤمنون عامة. والإله هو هذا التمييز وهذه الأفضلية للمؤمنين على غير المؤمنين مشخصاً. ولأن الإيمان يقدم للإنسان طبيعته باعتبارها طبيعة كائن آخر، فإن المؤمن لا يدرك كرامته مباشرة في ذاته، بل في هذا الإله المشخص المنفصل المفترض. إن وعيه بأفضليته يقدم نفسه على أنه وعي بهذا الإله المشخص..وكما يشعر الخادم بكرامته من كرامة سيده، ويتخيل نفسه أعظم من الإنسان الحر المستقل..فكذلك الحال مع المؤمن..إن هذا الإله المشخص هو ببساطة ذاته الخفية، رغبته المشخصة بسعادته. (P. 250)
لودفيج فويرباخ : جوهر المسيحية
ترجمة: د. أشرف منصور
المصدر في الحوار المتمدن
4 تعليق(ات):
الجزء الاول
ايها الملحدون
ايعقل ان يخلق الاله هذا الملك العظيم ويتركه لأهواء الانسان , اي من غير ان يبين لهم تعالى انه هو خالقه وخالق كل الكون ؟
ان لم يبين تعالى تعريفا بنفسه سبحانه انه هو خالقا كل الكون وكل ما فيه ومنه الانسان فانه تعالى يكون قد خلق ما خلق عبثا , والعبث لا يليق بمن خلق هذا الملك الذي من عظمته تركيبا وتناسقا بين موجوداته واتساعا وتوسعا منه تعالى مستمر في كل حين وهو قوله - وانا لموسعون - تجعل العاقل يهتدي الى انه تعالى اعظم من ان يكون عابثا حتى يخلق ملكا كهذا ويتركه لعابثين كالملاحدة يتزندقون بخروجهم عن فطرة خالقهم ويتنكرون لأصلهم الخلقي الذي يذكرهم في كل حين ان لهم منشئا جعل لهم ابتداءا وانتهاءا كشروق الشمس وغروبها منذ قرون من غير تغير نواميس عيش الانسان بالتزاوج والتكاثر وسيادة الانسان في الارض المطلقة على سائر الكائنات , وسباتهم بالليل وابتغائهم الفظائل بالنهار .
فعلى الانسان ان يتعلم بقدره تعقلا بفهم متفق عليه عرفا الذي هو المنطق , ليترقى بذلك في موكب المتفكرين تفكر الباحث عن الحق والذي آياته صلاحه في الحياة بتقديمه الخير لغيره , فكيف يكون الملحد المشاكس ككاتب الموضوع اعلاه على هاته الوتيرة من ابتغاء الخير لغيره وهو يريد هدي الناس الى خروج عن الاعتقاد بأن لهذا الكون خالقا ؟
فأنا لهذا الملحد من علم موثوق باليقين ومن حجج بالبرهان البليغ الذي لا يختلف عليه اثنان من الباحثين عن الحق حتى يقحم نفسه في العظيم جدا من امور الكون والحياة , فهل جمع ما يكفي من العلوم التجريبية كعلوم الفيزياء جزيئات الذرة , والاجرام السماوية بما احتوت من اختصاصات , وعلوم الاحياء والحياة بفروعها ونحو ذلك كثير ؟ خاصة اذا علمنا وهو واثقا من ذلك انه لايحيط علما يقينا حتى باحوال نفسه واسرته وبيته وشؤون معاشه في محيطه, فاذا كان كذلك فأنى له علم الكون اليقيني وما حوى من اكوان الموجودات وتفاصيلها حتى يكون قد تعرف وعرف على الحق اليقين من مسألة الخالق للكون وما فيه وجوده من عدمه . ان نقد مثل هذا لهاذا هو مثل الوليد الذي تبول على فراش ابيه وفي حسبانه انه افضل من ابيه.
انظر ايها الملحد الى الكون وما فيه /
- هل تغيرت نواميسه , فها انت ترى السماء تجري بها الشمس او السحب او معا نهارا , والنجوم والقمر بأهلته او بدونه ليلا , ولم يتغير هذا منذ ما قبل ان يظهر الانسان الى يومك هذا .
- هل تغير جريان الحياة على الارض مما حوت من احياء عليها وفيها من نبات وحشرات وحيوان وطيور وغيرها الا تغير الانقراض الذي يدل على ان فاطرا لها وهو الذي خلقها بثها على الارض كلها معا بان كيفها على صلاح وانه بسبب افساد الانسان افسد نمط تعايشها فراح اغلبها ينقرض وهوعينه قوله تعالى - ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون - اي لعلهم يتوبو الى ربهم اعترافا انه ربا وعل كل شيء قدير بان يرحمهم في دنياهم بان يصلح لهم كونه ويأويهم في آخرتهم الى جنته للأبد.
- هل تغيرت سيادة الانسان على الارض , او ظهر كوكبا غير الارض به حياة حقيقة من نبات وحيوان ونحوهما , الا ان يكون لا حياة الا على هاته الارض وهو عينه مصداقا لما ذكره تعالى في قرآنه خلق السماوات والارض اشارة للحياة الاوحد في الارض وان غيرها لاوجود الا لمتممات خلق الارض وهي تزيين سماء الدنيا بالنجوم بظهورها ليلا للانسان وهي بذلك في حكمة تقديرها من الله كحراشيف في محيط الارض مما يجعل الارض كمركز للكون في حقيقتها الحكمية في التخليق.
- هل ظهر مع الانسان اي مخلوق آخر يظاهيه في العقل ليشاطره السيادة بتطور احد الخلائق غير الانسان , بل هل تطور الانسان عينه باختلاف تركيبه الخلقي او الصوري عن ابيه والانثى عن امها , اذا سلم كل عاقل ثبوت الفطرة في التناسل للانسان وما ينسلون منذ ان ظهر الانسان , فهاته الانثى تحيض وتحمل وترضع وتعطف وتتزين ولها المقدرة على شؤون البيت ما لايستطيعه الرجل تماما مع قدرته وقوته الجسدية والارادية في الاقبال ما ليس للمرأة , كما ان الرجل له من الريادة في العقل ما ليس للانثى تماما فما هي ان ارتادت حقل العقل الا تماثلا كالحفظ للذاكرة لتنجح في الدراسات الاكديمية للعلوم المختلفة وان زاحمت الرجال في عالم الذكاء فهو من الشاذ عددا والدليل على ذلك ان كل المبدعين والرواد في مختلف العلوم والفنون رجال حتى في الطبخ والحلاقة والتجميل والازياء وغيرها كثير في ما يخص الانثى عينها.
ويليه الجزء الثاني
بقلم نور من الجزائر المسلمة السنية
www.elnoor_to@yahoo.com
الجزء الثاني
- هل حدث ما هو مروع لحياة البشر في الارض كما يتصوره المخرجون السنمائيون من افلام نهاية العالم او اختلاله الشامل ونحوه بسقوط النيازك او ارتجاج عظيم لسطح الارض يجعل مادتها الباطنية المنصهرة تذهب الحياة على ظهرها , او مرور الاشعة الكونية ما فوق البنفسجية من خلال طبقات الاوزون ونحوها من الطبقات للغلاف الجوي لتحرق كل حي على الارض تماما. علما ان الانثقاب البسيط على طبقة الازون الذي حدث هو تنبيه على فساد الانسان لأجل ان يتوب الناس كما ذكره المولى تعالى في الاية السابق ذكرها.
- هل حدث انفجار نووي شمل كل الارض ليذهب الحياة فيها مع العلم ان الدول التكنلوجية تمتلك وسائلها بما في حوزتها من آلاف القنابل النووية التي ان فجر بعضها اذهب الحياة على الارض قاطبتا , ومع ذلك لم يستطع بل لن يستطيع ولا من خلق الله من يفجر تلك لأن الله يمسك على ايديهم وهي من آيات الله يعقلها المؤمنون , لأن الله هو الحافظ لكونه ويقول سبحانه في ذلك - ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض ولكن الله ذو فظل على العالمين- اي ان الله فظله على العالمين انه يقدر على ما لايقدره غيره فهو من ذلك يمسك على الشر باسباب شتى يجريها في خلقه على بعض خلقه لأجل ان لا تفسد الارض.
- هل كان غير دين الله من يهودية ونصرانية واسلامية والتي هي خاتمة من تهدي الى الحفاظ على الفطرة ونبذ الفساد والافساد والامر بالاحسان والخلق الكريم وتطهير النفس البشرية من مكائد الشيطان التي عمت الامصار بانتشار الرذيلة والقتل والسلب الجائر والتحايل على الحق والحقوق وافساد النسل بالزنى وتغييب العقل بالمخذرات والمسكرات واشباهها بل وعروج الانسانية الى محادات فطرة الخالق سبحانه وذلك بزنا المحارم التي ظهرت في هاته العصور الأخيرة والتي تعتبر من اشراط قروب الساعة وهي عينها تحقق نبوءات المرسلين وخاتمهم محمدا -ص-.
فمن غير دين الله الذي يكبح النزوات الشيطانية في البشر ان لم يكن فعلا وجود اله لهذا الكون.
وهناك اكثر من آيات يتدبر فيها الانسان العاقل ليقترب على الاقل من الحق اذا لم يصب الحق عينه وكلا من الادراكين يجعلاه يتروى ويزداد شغفا للمعرفة المثلى الرائدة لكل فهم وعلم والتي افظلها على الاطلاق معرفة الله خالق الكون وحده لا شريك له.
اي ليس العناد وتصلب الفكر بتجميد العقل بتثبيته على الالحاد وحرب الله وهو ما يفعله الملحدون في هاذا المنتدى وامثاله هو السبيل الصحيح والادراك الحقي المنشود من كل البشرية مسلمهم وكافرهم.
اي اني ادعو الملحدين الى النظرة الحقا لمعرفة الحقيقة في الكون والحياة باستعمال الوسائل المختلفة التي يحتاجها العقل السليم ليتعقل ليكون صاحبه قد علم الحق والذي جوهره هو معرفة الله انه هو خالقا للكون وانه اله حقيق وحده لا شريك له.
اني لاادعو الملحدين الى ان يهتدوا الى دين الله قبل ان ادعوهم ان يهتدوا الى الايمان بوجود اله.
واني لاادعوهم الى الدخول في الاسلام قبل ان ادعوهم الى الدخول في موكب اهل العقول والعلوم.
بقلم - نور- من لجزائر المسلمة السنية
www.elnoor_to@yahoo.com
ان الله ليس له ابتداءا وليس له انتهاءا . لماذا ؟
لأن نوعه فريد وكنيته تعريفا لخلقه لما خلقهم هو انه اله سبحانه. ولذلك لايمكن ان يكون اله غيره .
فلو كان اله غيره لما آل امر ما خلق الى الابدية الساكنة أي هذا الملك من نواميسه انه غير مظطرب الوجود , أي انه منذ ان خلقه الله فهو على شاكلته الاولى المفطور عليها وبرهان ذلك ان السماء سماءا والارض ارضا ومن ثم تكون السماوات التي نضن بوجودها لم يجري عليها اضطرابا لتتغير وتفسد ما فطرها الله عليه , وهذا في قوله تعالى - ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا -
لأن التبديل لو حدث يكون بسبب قوة خارجية شغلت الله عن رعاية ملكه ان وجد اله آخر غيره فهو يفتنه في وجوده كمجاراته في التخليق ليتفوق عليه ونحو ذلك من الاسباب التي يسببها الغير الواحد للواحد , كما ان التبديل يكون بسبب الخطأ في الفطرة . أي ان التبديل يشير الى ان الله اذا كان غيره اله فهو ينفي اذن نوعه المميز الذي هو الافراد أي انه ليس اله , كما يشير التبديل ان كان بسبب الخطأ الى ان الله ليس اله لأن كمال وجوده لايقدر الا ما هو كمال , والكمال ينفي الخطأ.
كما ان التحويل ان كان فهو بسبب قوة خارجية مؤثرة باي كيفية كانت لتجعل الله يحول ما قدر بالتغيير الجزئي او الكلي وهو الذي يشير على وجود غيره اله وان كان خارج ملكه الذي خلق , كما ان التحويل يكون بسبب خطئ ارتكبه الله في التقدير الخاص بملكه او العام بوجوده وملكه او غير ذلك مما يستدعي تغيير فطرته الاولى . أي التحويل يشير ما يشير اليه التبديل ان حدثا أي وجود اله غيره او خطئه وكلاهما ينفيان الالوهية عنه سبحانه .
ولذلك اشار تعالى الى هاته الثبوتية منه سبحانه في نواميس ملكه وخلقه ,أي كما فطر تعالى الملك والخلق فيه من قبل فهو كذلك أي لاوجود لتبديل او تحويل في ما خلق سبحانه وهو الذي يشير الى كمال تقديره وقدرته على تحقيق ذلك وتثبيته على ذلك أي الاقتدار على التخليق وتثبيت ذلك على وجود أي اجراء ما خلق على زمان , فيكون ذلك برهان على انه تعالى على كل شيء قدير وهو من كمال وجوده أي معدنه تعالى فريد اذ ليس له ابتداءا حتى يكون عدما فوجد او ضعيفا فقوي , وليس له انتهاءا ان يكون من نوع ما وجد من عدم يقوى عليه العدم ليفنيه كأول مرة . كما يكون ذلك برهانا على زمان وجود معدن الله أي ليس له ابتداءا وليس له انتهاءا أي ان الله ابدي الوجود . أي ان الله له القدرة المطلقة والحياة المطلقة , واشار تعالى الى هذا بقوله - لتعلموا ان الله على كل شيء قدير وان الله قد احاط بكل شيء علما - والاحاطة بكل شيء علما هي التواجد في كل الاسباب للموجود مما يشمله فيكون زمانه بيده تعالى مما يجعل نوع اسبابه متفردة ومن ثم زمانه الوجودي مطلق أي انه تعالى حي من غير ابتداء وانتهاء أي ابدي .
ويليه الجزء الثاني
بقلم - نور –
www.elnoor_to@yahoo.com
الجزء الثاني
فلو لم يكن الله اله حقيق لما ذكر القدرة والزمان , لأن القدرة من غير زمان تنفي الاسباب ومن ثم الحياة فيكون ذلك منفي صفة افظلية الوجود من العدم أي لو كان ذلك لكان للناس الحجة على الله انه ظلمهم لما اوجدهم لأن العدم خير من الوجود أي هذا لو لم يكن الزمان ومثلا عن ذلك يكون الجسد موجودا من غير حراك مما يجعل لاتمايز بين الاجساد فينفي الافضلية فيكون وجود الله كوجود أي موجود غيره . لأن الزمان يتحقق منه الانسان بالاسباب والاسباب هي الترقي والانتقال في الاستعلام أي التعلم فيكون معنى ذلك هو ادراك النور في كون من الظلام أي العلم هو النور والمبهم هوالظلام أي الحياة هي عينها التعلم من الكون مما يبرهن عن وجود المخلوق , ولذلك كان نزول الانسان من الجنة لأجل التعلم ليتأكد من الحياة والتفاضل فيها فيعمل مجتهدا ليكون في افضل وجود وهو عينه الذي يبرهن ان الوجود خير من العدم لما يدخل الانسان الجنة وان الله هو افضل من كل الكون وما فيه أي يتعرف في ذلك المخلوق على الله انه حقا اله سبحانه , ولذلك كانت اول آية هي -اقرأ-, أي بمعرفة المخلوق ربه انه اله يكرمه الله في الجنة مدى الخلود الابدي وذلك اشارة اخرى يتيقن منها اهل الجنان ان الله عظيم بغير حدود سبحانه ومن ذلك فلا يمكن ان يظلم ابدا, وانه لما خلق فقد اكرم ما خلق حتى الذي يدخله النار لأنه تعالى لو لم يدخله النار لأفسد الملك والجنة واهلها بتنغيص معاشهم , اما لما ادخلهم النار؟ فبسبب فساد معدنهم والبرهان على ذلك حرياتهم التي آتاهم في دنياهم ليفعلوا ماشاؤوا فيكون ذلك حجة لهم او عليهم في الحساب أي ما ظلمهم الله شيئا بل انفسهم كانوا يظلمون . اما عن حكمة احقاقه تعالى لمعدن الفساد بابقائه فسادا أي لا يهديه ذلك ليكون برهانا لكل متدبر في قضاء الله وتقديره لكتب الخلق اجمعين ان كل ما هو غير الله هو مخلوقا خلقه الله , أي انه كان عدما فاوجده وهو لايستطيع البقاء الا اذا ثبته الله على بقاء وهو قوله تعالى - ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا - ومن علامات ذلك ان معدن كل موجود يفسد ليضمحل فيموت ويندثر ويؤول عدما كما كان , ولكي يبين الله فضله هذا على كل موجود قدر لهم ذلك في افعالهم اذ فساد معدنهم يجعلهم يظلمون ومن ثم يفسدون بالتعدي عن حدودهم الى حدود غيرهم من الموجودات ولو تركهم تعالى على ذلك لأفسدوا كل الملك ولأنهد الملك كله وهو قوله تعالى - ولولا دفاع الله الناس بعظهم ببعض لفسدت الارض - أي الله هو الذي يدفع الاسباب وذلك بما الهمه في كل نفس قبل ان يخلق صاحبها جسدا من الهام فجور وتقوى اذ التقوى لكي لايأتي الفساد على كل شيء اما الفجور لكي يكون ذلك برهان على ان كل مخلوق يفجر الا من هداه الله , أي ان الله نظم اقدار الخلائق ليتعلم الانسان خاصة من حياته الدنيا ويحفض تعالى الملك ومافيه على بقاء الى حين الآخرة.
فتفكروا معاشر الملاحدة في ما كتبته , وادعوا حتى اخواني من المسلمين وحتى اهل الكتاب الى التدبر في هذا , ولم اشأ ان آتي المزيد لألا يثقل استعابه لأن هناك الكثير من جواب لأنه عن كل تساؤل .
لاتتسرعوا لأنكم بذلك تبقون انفسكم على كفر مبين لأن ما تجهلونه يقدر باكثر من الملك الغير منظور وهو ما على وشمل سماء الدنيا من مجرات بنجومها واجرامها مما يجعل جهلكم لخالقكم سبحانه هو تام تماما أي انكم محجوبون عن الحق تماما , ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .
بقلم - نور –
www.elnoor_to@yahoo.com
إرسال تعليق